شهدت الأسواق العالمية موجة بيع قوية خلال تعاملات بداية الأسبوع، بفعل مخاوف انزلاق الاقتصاد الأمريكي نحو الركود، في ظل استمرار سياسة التشديد النقدي منذ نهاية أزمة وباء كورونا، بالإضافة إلى تصاعد مخاوف المستثمرين بشأن تقلبات الاقتصاد العالمي.
قبل أيام قليلة، عانت السوق الأمريكية من موجة بيع حادة، تأثرت بها أسواق الأسهم العالمية والديون السيادية والعملات في آسيا وأوروبا والأصول الرقمية.
قال المحللون أن هذه الأزمة تعود إلى مخاوف ركود أكبر اقتصاد في العالم، نتيجة أسعار الفائدة المرتفعة، واتجاه بعض البنوك العالمية إلى خفض أسعار الفائدة وتيسير السياسة النقدية مع تمسك مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بسياسة التشديد النقدي، بالإضافة إلى ارتفاع الين الياباني مع تخلي بنك اليابان المركزي عن سياسته النقدية المرنة.
وتسبب ارتفاع الين، وبدء بنك اليابان في تشديد السياسة النقدية في تصفية صفقات الـ "كاري تريد" التي تتضمن اقتراض العملة اليابانية بسعر فائدة منخفض، ثم تحويلها إلى عملة دولة أخرى واستثمار الأموال في أسواق هذا البلد.
وأدى هذا إلى تعرض المستثمرين لضغوط قوية في ظل الحاجة إلى تغطية مراكز التمويل بواسطة الرافعة المالية، وسداد ديونهم المقومة بالين، مما ساهم في زيادة زخم موجة بيع الأصول في الأسواق الأخرى.
بالرغم من الخسائر الحادة التي تكبدتها الأسواق العالمية جراء تلك الموجة، إلا أن بعض القطاعات والأسواق نجحت في تحقيق مكاسب جيدة في ظل عزوف المستثمرين عن الأصول عالية المخاطر والبحث عن أسواق أكثر مرونة.
حققت بعض الأسواق مكاسب خلال تلك الأيام القليلة الماضية، من بينهم سوق الصرف الأجنبي في ماليزيا، حيث حقق الرينجت الماليزي أفضل أداء يومي له على الإطلاق منذ عام 2015، في الوقت الذي تكبدت فيه العملات الأكثر حساسية نحو المخاطرة مثل الدولار الأسترالي والراند الجنوب أفريقي والبيزو المكسيكي خسائر قوية.
وتفوق الرينجت الماليزي على عملات اقتصادات ناشئة أخرى كانت أقل تضررًا مثل اليوان الصيني.
وخلال تلك الأزمة اتجه المقترضين الصينيين نحو سوق الديون المحلية لتجميد أموالهم في السندات السيادية التي تتميز بانخفاض التكلفة والاستقرار النسبي.
وفي اليوم التالي للأزمة، بدأت شركة "بيتشو إندستريال إنفستمنت" التابعة للحكومة الصينية والمتخصصة في مجال التمويل، حملة ترويجية لبيع سندات مقومة باليوان لأجل 3 سنوات وعائد قدره 5% في الأسواق الخارجية.
وأمرت الحكومة المحلية في شنتشن البنوك بعرض سندات متعددة الشرائح مقومة باليوان الصيني.
وأدت التكلفة المنخفضة لتمويل الديون المقومة باليوان إلى تراجع سعر الفائدة المتبادل بين المصارف في "هونج كونج" لأجل 3 سنوات لتصل إلى 2.06% وهو أدنى مستوى له في حوالي ثلاث سنوات.
تراجعت أغلب القطاعات في الأسواق العالمية خلال تلك الأزمة، لكن ارتفعت أسهم 9 شركات تطوير عقاري من أصل 11 مدرجة في مؤشر "هانج سينج" الفرعي للعقارات، مما يعكس ثقة المستثمرين في القطاع الذي يعاني في الوقت الراهن من ضعف إنفاق الأفراد على شراء المنازل، وانخفاض أسعارها.
ومن المحتمل على نطاق واسع أن يزيد الطلب على المنازل مرة أخرى نتيجة تراجع الفائدة على الرهن العقاري، وفي ظل توقعات قرب إنهاء الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لدورة التشديد النقدي، ومن ثم اتخاذ الصين خطوة مماثلة.
وعلى عكس أغلب بورصات العالم، أنهى مؤشر البورصة المنغولية الذي يضم أسهم أفضل 20 شركة في السوق جلسة يوم الإثنين الماضي مرتفعًا بحوالي 1%، ليكون هو المؤشر الوحيد في آسيا الذي حقق مكاسب في هذا اليوم، وواحدًا من بين أربعة على مستوى العالم وهو مؤشرات أسواق الجبل الأسود وجامايكا وتونس.