الفهرس

هل تداول البيتكوين حلال أم حرام؟

الكاتب: أحمد جمال
تدقيق: شروق محمد
المنقح: شيماء رؤوف
اخر تحديث: 2025-02-23

على الرغم من وجود أكثر من 2000 عملة رقمية، تظل بيتكوين الأكثر شهرة في العالم الرقمي. لذا، غالبًا ما يثار سؤال حول ما إذا كان تداول بيتكوين حلال أم حرام وفقًا للشريعة الإسلامية. وفي هذا الدليل ستعرف الإجابة.

تعمل العملات الرقمية على شبكات لا مركزية باستخدام تكنولوجيا البلوكشين، وتتمتع بشفافية وقابلية للتتبع مع بعض الخصوصية. توفر العملات الرقمية الوصول العالمي، وهي تتوافق مع بعض معايير المالية الإسلامية مثل الشفافية. ولكنها لا تتوافق مع بعض المعايير الأخرى، وهو الأمر الذي يجعل الإجابة الواضحة على هذا السؤال صعبة، حيث يتوجب على المتداولين المسلمين البحث جيدًا لإيجاد إجابة قاطعة.

لقد قمنا ببعض البحث نيابة عنكم، لنضع كل الأراء أمامكم مع الحجج والدلائل التي يستند إليها علماء الإسلام الذين حرموا أو أجازوا تداول بيتكوين.

ما هو حكم التداول بالعملات الرقمية في الشريعة؟

يختلف حكم التداول بالعملات الرقمية في الشريعة الإسلامية بين العلماء وفقًا لتفسيرهم لطبيعة العملات الرقمية وكيفية استخدامها. وفي الجزء التالي نستعرض نظرة علماء المسلمين للبيتكوين في أشكالها المختلفة.

البيتكوين حلال أم حرام || تفسيرات العلماء

في عصرنا الحالي، أصبح تداول العملات الرقمية مثل بيتكوين من المواضيع التي تثير الكثير من الجدل والنقاش، لا سيما في ما يتعلق بموافقتها لأحكام الشريعة الإسلامية. فقد تعددت الآراء حول حكم هذه العملات بين العلماء، حيث يعتبر البعض أنها غير متوافقة مع الشريعة، بينما يرى آخرون أنها قد تكون مشروعة تحت شروط معينة. في هذا السياق، سوف نتناول ثلاثة تفسيرات رئيسية للبيتكوين ودورها كعملة، بالإضافة إلى التحديات والاعتبارات الشرعية المرتبطة بها.

التفسير الأول: البيتكوين ليس مالًا ولا عملة

يرى بعض المؤيدين لهذا الرأي أن البيتكوين ليس لها وجود حقيقي بناءً على أنها لا تتمتع بخصائص العملة التقليدية. فهم يعتبرون أن البيتكوين ليست قابلة للشراء أو التخزين أو التداول مثل االعملات الأخرى، ومن ثم يستنتجون أن استخدامها لا يتماشى مع الشريعة الإسلامية.

يفتقر هذا التفسير إلى التحليل العميق للواقع. ففكرة وجود "شيء" غير مادي لا تعني أنه غير حقيقي. حقيقة أن البيتكوين يمكن تحويلها إلى أموال ورقية أو استخدامها في شراء السلع والخدمات، تنفي الادعاء بعدم وجودها. عندما يتم تبادل العملات الورقية بالبيتكوين، يتم في الواقع تحويل الملكية، وبالتالي هناك قيمة ملموسة وراء هذه العملية.

لا يشترط إثبات وجود شيء مادي لتحديده كوجود حقيقي. هناك العديد من المفاهيم غير الملموسة التي يُقر بها الناس وتُعتبر جزءًا من حياتهم اليومية، مثل العواطف، الأفكار، أو حتى الأكسجين في الجو. لا يمكن لمس هذه الأشياء، لكن وجودها يُدرك من خلال تأثيراتها وخصائصها. على العكس من هذه المفاهيم العابرة، يمكن الوصول إلى البيتكوين عند الحاجة عن طريق المحفظة الرقمية، فهي تتمتع بوجود رقمي يُمثل قيمة يمكن استخدامها وتبادلها كعملة.

التفسير الثاني: البيتكوين مال وليس عملة

يعتقد البعض أن بيتكوين موجودة بالفعل، ولكنها ليست عملة بالمعنى التقليدي، بل هو أصل مشفر. وفقًا لهذا الرأي، يعتبر مفهوم البيتكوين متوافقًا مع الشريعة الإسلامية، حيث يمكن أن تكون بعض الاستثمارات في البيتكوين مشروعة.

يؤكد هؤلاء العلماء على أن وجود البيتكوين يتثبت من خلال ميزاته واستخدامه، بالإضافة إلى إمكانية الوصول إلى البيتكوين عبر المحافظ الرقمية. لا يشترط أن يكون للشيء شكل مادي أو مرئي ليُعتبر موجودًا. فإذا كان الناس يتعاملون مع شيء ما، مثل البيتكوين، فإنه يعتبر مقبولًا كمال. كما أن الأصل في الأمور المالية هو أن كل شيء حلال ما لم يثبت تحريمه، وبالتالي لا يوجد دليل قاطع ينفي شرعية البيتكوين.

ومع ذلك، يرفض أصحاب هذا الرأي اعتبار البيتكوين عملة، حيث يعتقدون أنها تفتقر إلى خصائص التداول الواسع والاستقلال الاجتماعي الذي تتمتع به العملات. ووفقًا لهم، لا تفي البيتكوين بالغرض التقليدي للعملات لأنها لا توفر قيمة حقيقية من منفعة سلع ملموسة، بل تُستخدم بشكل رئيسي في المضاربة والتبادل.

إحدى النقاط التي يثيرها هؤلاء العلماء هي أن البيتكوين لا تُظهر أي فائدة أخرى سوى كونها وسيلة للتبادل. فهي مجرد أرقام مسجلة في سجل عام، ولا يمكن اعتبارها "أصلًا" حقيقيًا إذا لم يتم استخدامها أو تداولها. وفي حال توقفت البيتكوين عن التبادل في الأسواق، فمن غير المرجح أن يظل الناس مهتمين بها، لأنها ستكون مجرد أرقام لا معنى لها. بناءً على ذلك، يتساءلون إذا كانت البيتكوين تفتقر إلى أي فائدة حقيقية بخلاف استخدامها كوسيلة للتبادل، فهل يمكن اعتبارها أصلًا؟

التفسير الثالث: البيتكوين عملة

يعتقد فريق من العلماء أن البيتكوين تأسست كنظام دفع من نظير إلى نظير، مما جعلها تُعتبر عملة منذ البداية وفقًا لهذا التفسير. ويرون أن استخدام البيتكوين كعملة جاء نتيجة لتوافق اجتماعي عند الناس، وأنه يُمكن اعتبارها عملة شرعية بشرط توافر بعض الشروط في معاملات معينة.

السؤال المطروح هنا هو: هل يجب أن يكون للعملة فائدة أخرى إلى جانب كونها وسيلة للتبادل؟ وبالتالي، إذا تم قبول شيء ما كعملة، فإن الفوائد الأخرى لا تُؤخذ في الاعتبار عند استبدالها بعملة أخرى، ويُعتبر أي تأثير إضافي أمرًا غير مؤثر.

لكي يُعتبر أي شيء مالًا، يجب أن يكون مرغوبًا وقابلًا للتخزين. وتتمتع البيتكوين بميزات تجعلها مرغوبة، مثل تقنية البلوكشين التي تقوم عليها، استبدال الوسطاء ببروتوكولات مثل إثبات العمل، وكونها لامركزية، بالإضافة إلى الإمداد المحدود، والمدفوعات العالمية بلا حدود مع رسوم معاملات منخفضة. كل هذه العوامل تزيد من الطلب عليها. أما من حيث قابلية التخزين، فإن البيتكوين يتم تخزينها داخل البلوكشين، وهي إدخالات في سجل عام. وبالتالي، تنعكس ملكيتك للبيتكوين عبر إضافة رصيد إلى عنوانك في الشبكة. بما أن البيتكوين عبارة عن أرقام ومداخل في دفتر عام، فلا يوجد دليل أو افتراض قانوني ينفي شرعيتها.

هل تداول البيتكوين حلال؟

نعم، تداول البيتكوين حلال:
يُعتبر تداول البيتكوين حلالًا وفقًا لبعض العلماء الذين يرون أن العملات الرقمية تتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية. السبب في ذلك هو أن البيتكوين، كعملة رقمية، تمتلك قيمة يمكن استخدامها في التبادل. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد نظام البيتكوين على تقنية البلوكشين التي تضمن الشفافية وعدم التزوير، مما يجعل المعاملات في هذا النظام تتماشى مع أحكام الشريعة من حيث النزاهة والوضوح. كما أن التداول بالبيتكوين لا يتضمن أي معاملات ربوية، طالما أن التبادل يتم بين طرفين برضا كامل وبدون شروط محرمة.

لا، تداول البيتكوين حرام:
من ناحية أخرى، يرى بعض العلماء أن تداول البيتكوين حرام بسبب تقلبات قيمتها الكبيرة، مما يجعلها أداة للمضاربة أكثر من كونها وسيلة للتبادل. تحرم الشريعة الإسلامية المضاربة غير المشروعة، التي قد تؤدي إلى أرباح غير مضمونة وخسائر كبيرة، مما يؤدي إلى عدم استقرار التعاملات. بالإضافة إلى ذلك، يعتبر بعض الفقهاء أن العملات الرقمية قد تساهم في أنشطة غير قانونية مثل غسيل الأموال أو تمويل الأنشطة المحظورة، مما يجعل استخدامها غير متوافق مع مبادئ الإسلام.

اقرأ أيضًأ: كيفية فتح حساب تداول اسلامي

أسباب تجعل تداول البيتكوين حلال

توجد عدة عوامل قد تبرر أن تداول البيتكوين يمكن أن يكون حلالًا وفقًا للشريعة الإسلامية. ورغم اختلاف الآراء بين العلماء، فإن هناك أسبابًا تدعم هذا الرأي، وفيما يلي أبرز النقاط التي توضح هذه الأسباب:

  • البيتكوين أصل رقمي حقيقي: يُعتبر البيتكوين من الأصول الرقمية التي تُستخدم كوسيلة للتبادل أو تخزين القيمة. يشبه ذلك التعامل مع العملات التقليدية أو المعادن الثمينة مثل الذهب. من خلال هذا الفهم، يمكن اعتبار البيتكوين أداة حلال إذا لم يُستخدم في معاملات غير مشروعة.

  • غياب الفائدة أو الربا: لا يولد البيتكوين فائدة (ربا)، وهو أمر محرم في الشريعة الإسلامية. بما أن البيتكوين لا يتضمن أي معاملات ربوية أو فرض فائدة على القروض، فإنه يمكن أن يُعتبر متوافقًا مع الشريعة التي تحظر الربا.

  • البيتكوين يشبه الاستثمارات المالية التقليدية: يُمكن مقارنة تداول البيتكوين بالاستثمار في الأسهم والسندات. ورغم المخاطر العالية المرتبطة بتداول البيتكوين، إلا أنه يُعامل كاستثمار مشروع مشابه لشراء أسهم الشركات أو السندات الحكومية. وبذلك، يمكن أن يُعتبر تداول البيتكوين مشروعًا حلالًا إذا تم وفقًا للمبادئ الإسلامية.

  • الامتثال لمبدأ الطوعية: يشترط في المعاملات المالية أن تكون طوعية في الشريعة الإسلامية. وتداول البيتكوين يتم بين الأفراد بناءً على الاتفاق الحر بينهما دون وجود إكراه أو اجبار. وبالتالي، لا يوجد ما يمنع من اعتبار هذه المعاملات حلالًا إذا كانت مبنية على الطواعية والاتفاق.

أسباب تجعل تداول البيتكوين حرام

تتعدد الأسباب التي قد تجعل تداول البيتكوين والعملات المشفرة الأخرى محرمًا وفقًا للشريعة الإسلامية، ومن أبرز هذه الأسباب ما يلي:

  • استثمار عالي المخاطر: يتم تحديد سعر العملات الرقمية بناءً على العرض والطلب، مما يجعلها سوقًا شديدة التقلب. يمكن أن تشهد قيمتها ارتفاعات وانخفاضات كبيرة في فترات قصيرة. على سبيل المثال، في نوفمبر 2021، كان سعر البيتكوين يقارب 50 ألف جنيه إسترليني، لكنه انخفض إلى أقل من 15,500 جنيه إسترليني في يونيو 2022. ونظرًا لهذه التقلبات والمخاطر العالية، يعتبر البعض أن الاستثمار في البيتكوين يشبه المقامرة، التي هي محظورة في الإسلام. والمقامرة تتضمن المخاطرة غير المدروسة من أجل تحقيق ربح سريع، وهو ما يتناقض مع المبادئ الإسلامية التي تحث على تجنب الغرر.

  • العملات الرقمية ليست مالًا حقيقيًا: يُعتبر المال في الإسلام أداة يمكن استبدالها بالسلع والخدمات المادية، وهو مال قائم على الأصول الملموسة. من ناحية أخرى، تُستخدم العملات الرقمية عادة كأصول رقمية للاستثمار، وليس كوسيلة لتبادل السلع والخدمات اليومية.

  • محدودية الاستخدام: بينما يمكن استخدام النقود التقليدية لشراء احتياجات الحياة اليومية، لا يُمكن استخدام البيتكوين في الغالب لدفع ثمن السلع الأساسية مثل الطعام أو المواد الاستهلاكية. وهذا يجعل البيتكوين بعيدًا عن مفهوم "المال" في الشريعة الإسلامية.

  • عدم التنظيم الحكومي والمالي: لا تخضع العملات الرقمية لأي تنظيم رسمي من قبل الحكومات أو الهيئات المالية الكبرى، مما يزيد من درجة الغموض والمخاطر المرتبطة بها. في حين أن بعض المسلمين قد يكونون منفتحين على فكرة قبول العملات الرقمية إذا تم تنظيمها بشكل أفضل، فإن غياب التنظيم يشكل تحديًا رئيسيًا.

هل تعدين البيتكوين والعملات الرقمية حلال؟

بدايةً، لا يعد تعدين البيتكوين أكثر من عملية التحقق من المعاملات على شبكة البلوكشين. يقوم عمال المناجم بالتحقق من صحة المعاملات وتأكيدها، ويقدمون بذلك خدمة لمستخدمي البيتكوين بالإضافة إلى توفير الأمان اللازم للشبكة. هؤلاء العمال يتم مكافأتهم على جهودهم في تأكيد المعاملات، ولا يوجد في هذه العملية ما يتعارض مع الشريعة الإسلامية، حيث لا تتضمن الربا أو أي ممارسات محظورة.

أسباب تجعل من تعدين البيتكوين حلال

يعتبر تعدين البيتكوين حلالًا في الشريعة الإسلامية لأسباب عدة:

1. عملية التحقق من المعاملات:
تعدين البيتكوين هو ببساطة عملية التحقق من صحة المعاملات وتوثيقها على شبكة البلوكشين، وهي عملية لا تتضمن أي نشاطات محرمة أو ربوية. يقوم عمال المناجم بتقديم خدمة لمستخدمي البيتكوين من خلال تأكيد صحة المعاملات، مما يساهم في تأمين الشبكة وحمايتها.

2. التشجيع على الأمان:
من خلال عملية التعدين، يتم توفير الأمان لشبكة البيتكوين، وهو أمر يتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية التي تشجع على ضمان الأمان في المعاملات المالية. كما أن التعدين لا يشمل أي أعمال غش أو تدليس، بل هو عمل مشروع يهدف إلى تحسين كفاءة النظام.

3. موافقة الحكومات على تقنين العملة:
في الآونة الأخيرة، بدأت بعض الدول، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة دونالد ترامب، بدعم العملات الرقمية والتي قد تبدو بداية لتقنينها بشكل قانوني.

لذلك، لا يوجد ما يمنع شرعًا من تعدين البيتكوين طالما أن العملية تتم بشفافية وتستند إلى القيم الشرعية، ولا تتضمن أعمالًا محظورة مثل الفائدة أو الأنشطة غير القانونية.

أسباب تجعل من تعدين البيتكوين حرام

ومع ذلك، هناك بعض الآراء التي تعتبر تعدين البيتكوين حرامًا بسبب سببين رئيسيين:

  1. عدم دعم الحكومات للبيتكوين:
    يرى بعض العلماء أن البيتكوين ليست مدعومة من قبل الحكومات، وبالتالي فإن جميع جوانب البيتكوين، بما في ذلك التعدين، غير قانونية من وجهة نظر الشريعة الإسلامية. وفقًا لهذه الرؤية، لا يُعتبر البيتكوين عملة قانونية لأنها لا تحصل على الاعتراف الحكومي، مما يجعل التعامل بها وتعدينها محرمًا.

  2. استهلاك الطاقة الكبير:
    يتطلب تعدين البيتكوين كمية ضخمة من الطاقة، ويُعتبر كثيفًا من حيث استهلاك الموارد. هذا يؤدي إلى تأثيرات بيئية سلبية قد تضر بالبيئة، وبالتالي يُرى أن تعدين البيتكوين يُعتبر حرامًا من هذه الزاوية، حيث أن الإسراف في استهلاك الموارد الطبيعية يعد من الأمور المحرمة في الشريعة.

دور الإفتاء

في السنوات الأخيرة، تباينت الآراء حول شرعية تداول العملات الرقمية في العالم الإسلامي. فقد حرم العديد من العلماء، مثل الشيخ عبد الله بن عبد المنيع في السعودية ودار الإفتاء المصرية، التعامل بالبيتكوين بسبب تقلباتها العالية واستخدامها في غسل الأموال، مما يهدد الاقتصاد والأمن المالي. بالمقابل، أبدت الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الإمارات رأيًا مرنًا، مشيرة إلى جواز تداول العملات الرقمية بشرط توافقها مع الشريعة. نستعرض كل هذه الأراء بشكل من التفصيل.

تحريم سعودي لبيتكوين والعملات الرقمية

في 2021، صدر تصريح مهم من عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، الشيخ عبد الله بن محمد بن عبد المنيع، الذي وصف العملات الرقمية بأنها "محرمة شرعًا". وأوضح الشيخ عبد المنيع في مقابلة تلفزيونية أن العملات الرقمية، وعلى رأسها "البيتكوين"، تشبه "المقامرة" من حيث طابعها غير المستقر والمبني على المضاربات المالية والتكهنات، وهو ما يتعارض مع المبادئ الشرعية في الإسلام التي تحظر الغرر (الجهالة) والمخاطرة غير المحسوبة في المعاملات المالية.

رفض قاطع لتداول بيتكوين من دار الإفتاء المصرية

قال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، الشيخ محمد عبد السميع، إن العملة المشفرة "البيتكوين" تُعد شكلًا من أشكال "غسل الأموال المحرمة"، وذلك لأنها تُساهم في ضياع الحقوق وتخالف القوانين الشرعية والتشريعات القانونية المعتمدة. وأجاب الشيخ عبد السميع على سؤال بشأن حكم الاستثمار في البيتكوين مقارنة بالذهب، موضحًا أن الذهب له قيمة حقيقية وواضحة في السوق، أما البيتكوين فهو مجرد شفرة إلكترونية، وقيمته تتحدد وفقًا للعرض والطلب، مما يجعلها عرضة للتقلبات الحادة.

وأضاف أن ارتفاع قيمة البيتكوين في العديد من الأحيان يعود إلى استخدامها كوسيلة لغسل الأموال المحرمة، حيث يلجأ البعض إلى تحويل أموالهم غير المشروعة عبر هذه العملة في دول لا تتيح تحويلات مالية شرعية أو قانونية. وأشار إلى أن تداول البيتكوين يعرض الأموال للضياع ويشكل تهديدًا للأمن المالي، إذ في حالة حدوث قرصنة على هذه العملة، يصبح من المستحيل استرجاع الحقوق أو معرفة مكان الأموال، مما يجعل الاستثمار في البيتكوين محرمًا شرعًا.

ومن جانبها أصدرت أمانة الفتوى في دار الإفتاء المصرية، برئاسة الدكتور شوقي علام، رأيًا شرعيًا بشأن التعامل بالعملات الإلكترونية، وعلى رأسها "البيتكوين" في عام 2017. وقد تم التأكيد على أن تداول هذه العملات واستخدامها في البيع والشراء وغيرها من المعاملات المالية يُعتبر حرامًا شرعًا.

جاء هذا التحليل بناءً على ما تسببه هذه العملات من آثار سلبية على الاقتصاد الوطني والعالمي، حيث تؤدي إلى خلل في توازن السوق ومفهوم العمل، وتؤدي إلى فقدان الأفراد للتغطية القانونية والرقابة المالية الضرورية. كما أن التعامل بهذه العملات يشكل تجاوزًا لسلطة الجهات المسؤولة عن تنظيم الاقتصاد، ما يسلب بعضها اختصاصاتها الحيوية.

أيضًا، لوحظ ما تتضمنه العملات الإلكترونية من غموض وضبابية في قيمتها ومعاييرها، ما يؤدي إلى الغرر (أي الغموض) والغش في المعاملات، بما يتعارض مع المبادئ الشرعية، استنادًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا". بالإضافة إلى ما تحمله من مخاطر مرتفعة تهدد الأفراد والدول على حد سواء.

قبول من الهيئة العامة للشئون الإسلامية والأوقاف في الإمارات

بالنسبة لفتوى الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف في الإمارات، التي صدرت عام 2021، فقد أبدت الهيئة رأيًا مختلفًا عن الفتاوى التي تدعو إلى تحريمه. فقد قالت الهيئة إنه "يجوز تداول العملات الرقمية الافتراضية" بشرط أن تكون هذه العملات لا تتعارض مع الشريعة الإسلامية في الجوانب الأساسية، مثل عدم وجود عناصر القمار أو الغرر (الغموض) أو الربا في تداولها. ويعكس هذا التوجه المتحفظ من بعض الهيئات الدينية نحو العملات الرقمية، الذي يتسم بالمرونة في تفسير القوانين الشرعية المتعلقة بها.

الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين يرفضون تداول بيتكوين وفقًا للشريعة الإسلامية

انضمت لجنة الاجتهاد والفتوى بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى الرأي المعارض لتداول العملات الافتراضية، حيث أصدرت بيانًا على موقع الاتحاد الرسمي أكدت فيه أن العملات الرقمية، مثل البيتكوين، لا تتوافر فيها أركان العملات ولا شروط النقود. وأوضح البيان أنها لا تصلح أن تكون وسيطًا عامًا للتبادل، ولا مقياسًا للقيم، ولا مخزونًا للثروة، ولا معيارًا للمدفوعات الآجلة للديون.

وأشار البيان، الذي وقع عليه أعضاء اللجنة برئاسة الأمين العام للاتحاد الفقيه العراقي علي القره داغي، إلى أن البيتكوين والعملات الرقمية المشابهة لا تمثل أي موجود حقيقي، حيث إنها لم تُصدر من دولة أو مصرف أو جهة ضامنة. واعتبرت اللجنة أن هذه العملات لا تحمل أي نفع بل هي مجرد نوع من المضاربات التي تهدف إلى الربح السريع دون ربطها بأي عمل أو إنتاج، وهو ما يتناقض مع مقاصد الشريعة في المال.

ملخص

لن تجد من يقول لك بأن تداول البتكوين حلال أم حرام بشكل قاطع، فلكل جانب فلسفة يستند إليها، وأسباب جعلته يصدر حكمه. لذا، عليك بالبحث المكثف حول هذا الأمر، والرجوع إلى دور الفتوى في بلدك، حيث أن القوانين وبعض الفتاوى تتغير بمرور الوقت مع اختلاف مجريات الأحداث وتغير الاقتصاديات حول العالم. 

الأسئلة الشائعة

ما هي العملات الرقمية؟

العملات الرقميةمثل البيتكوين هي نوع من العملات الرقمية التي يمكن استخدامها لدفع ثمن سلع وخدمات معينة أو تبادلها مع تجار آخرين.

لماذا يعتبر بعض المسلمين البيتكوين حرامًا؟

يعتبر بعض المسلمين أن البيتكوين حرامًا لأنها استثمار عالي المخاطر يشبه المقامرة، وتُستخدم بشكل مختلف عن المال التقليدي، ولا تخضع لتنظيم الحكومات أو الهيئات المالية.

ما الفرق بين العملات الرقمية والمال التقليدي؟

العملات الرقمية لا تعتبر مالًا حقيقيًا وفقًا للإسلام، لأنها لا يمكن استخدامها لدفع ثمن السلع الأساسية مثل الطعام، وغالبًا ما تُستخدم كأصل رقمي أو استثمار بدلاً من وسيلة تبادل.

كيف يؤثر غياب التنظيم على شرعية العملات الرقمية؟

يزيد غياب التنظيم الحكومي للعملات الرقمية من حالة عدم اليقين والمخاطر المرتبطة بها، مما يجعلها تعتبر حرامًا من قبل بعض العلماء المسلمين.

ماذا يقول العلماء المسلمون عن البيتكوين؟

يتفق العديد من العلماء المسلمين على أن البيتكوين حرام في الوقت الحالي بسبب المخاطر والضرر، مع بعض الاستثناءات التي قد تسمح بالقبول إذا تم تنظيمها بشكل أفضل.

مقالات ذات صلة