أيهما أفضل للمنطقة العربية والشرق الأوسط.. ترامب أم هاريس؟

أيهما أفضل للمنطقة العربية والشرق الأوسط.. ترامب أم هاريس؟
تثير الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 والتي ستبدأ بعد ساعات قليلة اهتمامًا كبيرًا في المنطقة العربية، خصوصًا في ظل التوترات الأخيرة التي شملت حربي غزة ولبنان.
ويضاف إلى هذا الاهتمام الدور الكبير الذي تلعبه الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، سواء من خلال دعمها السياسي والاقتصادي لبعض الدول أو من خلال مواقفها تجاه القضايا المحورية مثل الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والعلاقات مع إيران، والتعامل مع الأزمات في سوريا واليمن.
أما بالنسبة للمرشحين، فإن كامالا هاريس ودونالد ترامب يحملان رؤى وسياسات مختلفة قد تؤثر على ملفات المنطقة، حيث أن الديمقراطيون بشكل عام يميلون إلى التركيز على قضايا حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية وتعزيز العلاقات الدبلوماسية، وقد يتخذون نهجًا أكثر توازنًا في بعض النزاعات الإقليمية، وهو ما قد يظهر في سياسة هاريس إذا فازت بالرئاسة.
على الجانب الآخر، يُعرف عن ترامب موقفه الداعم بقوة لإسرائيل وسياساته المتشددة تجاه إيران، حيث اعتمد سياسة "الضغوط القصوى" التي أسهمت في رفع حدة التوترات مع طهران.
ومن المتوقع أن يكون للسياسة الخارجية الأمريكية، بغض النظر عن هوية الفائز، تأثيرات ملموسة على ملفات المنطقة الساخنة. على سبيل المثال، فإن أي تغييرات في الموقف الأمريكي من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي أو في التعامل مع إيران سيكون لها انعكاسات مباشرة على استقرار المنطقة.
وبناءً على هذا، يتابع المواطن العربي باهتمام هذه الانتخابات لأنها قد تحدد مستقبل السياسات الأمريكية في الشرق الأوسط خلال السنوات الأربع المقبلة.
ما هو موقف كلا المرشحين من القضية الفلسطينية وقضايا الشرق الأوسط؟
عبرت كامالا هاريس مرارًا عن ضرورة مراعاة أوضاع المدنيين في غزة وأهمية العمل لتخفيف معاناتهم، إلا أنها، كما ذكرت، لم تلتزم بتعهد واضح بوقف العمليات العسكرية. بل على العكس، فقد كررت تأكيدها على "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، وهو موقف يتسق مع السياسة التقليدية للحزب الديمقراطي في دعم أمن إسرائيل، مع محاولة تقديم رؤية أكثر توازناً تهدف لتهدئة الأوضاع وتخفيف حدة الأزمة الإنسانية.
وفي هذا السياق، يمثل موقف هاريس توجهاً داعماً لإسرائيل، ولكن مع نبرة دبلوماسية تسعى لتخفيف الأزمة الإنسانية، وذلك دون تعهدات حاسمة لإنهاء الحرب.
يمكن اعتبار هذا التوجه محاولة لتلبية مطالب متعددة؛ فمن جهة، الحفاظ على العلاقات القوية مع إسرائيل، ومن جهة أخرى، إظهار نوع من التعاطف مع المدنيين الفلسطينيين.
ويُرى عربياً أن الرئيس الأمريكي بايدن ونائبته هاريس لم يمارسا ضغوطا كافية على إسرائيل لوقف نزيف الدماء الفلسطيني.
هذا وقد شهدت فترة ولاية الرئيس بايدن توتراً ملحوظاً في العلاقات بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية، وهو ما ظهر جلياً في العديد من الملفات، ومنها قضية مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018.
فقد أثرت هذه القضية على العلاقات بشكل كبير، حيث أشار بايدن خلال حملته الانتخابية إلى نيته محاسبة المسؤولين عنها، وألمح إلى موقف أقل تسامحاً مع القيادة السعودية فيما يتعلق بحقوق الإنسان.
وتظل العلاقة بين البلدين ضرورية ومتشابكة، نظرًا للدور الاستراتيجي للمملكة في أسواق الطاقة العالمية ولمكانتها في المنطقة.
أما بالنسبة لدونالد ترامب فقد اتسمت فترة رئاسة بسياسة خارجية مختلفة، تركز بشكل أساسي على تعزيز المصالح الاقتصادية والأمنية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
حيث أعطى ترامب الأولوية للصفقات التجارية والاقتصادية، وخاصة صفقات الأسلحة الضخمة مع دول الخليج، حيث تم توقيع اتفاقيات بمليارات الدولارات مع السعودية، ما عزز العلاقات الاقتصادية والعسكرية بين البلدين.
تميزت سياسته كذلك بعدم ممارسة ضغوط علنية على الحكومات العربية فيما يتعلق بحقوق الإنسان أو الإصلاحات السياسية، وذلك بعكس بعض الإدارات الأمريكية السابقة التي كانت تحاول التأثير على هذه الملفات.
وقد امتنع ترامب، بشكل لافت، عن إدانة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على خلفية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، معتبراً أن الحفاظ على العلاقات الاستراتيجية مع السعودية ومصالح الولايات المتحدة الاقتصادية أهم من انتقاد السعودية في هذه القضية.
كما وصف ترامب عدداً من الزعماء العرب بالأصدقاء، ومنهم محمد بن سلمان، ومحمد بن زايد، والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقد كانت لديه علاقات شخصية ودية مع هؤلاء القادة، ما ساعد على بناء علاقات قوية بين الولايات المتحدة وهذه الدول.
وكانت أبرز إنجازاته في المنطقة دعم اتفاقيات "التطبيع" بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، وهي الإمارات والبحرين والمغرب، والتي أُطلق عليها "اتفاقيات أبراهام". لعب ترامب دوراً محورياً كوسيط في هذه الاتفاقيات، التي مثلت تغييراً استراتيجياً في المنطقة وأعادت تشكيل العلاقات الإسرائيلية-العربية.
وخلال فترة رئاسته، اتخذ دونالد ترامب خطوات غير مسبوقة دعمت إسرائيل بشكل علني وقوي. فقد نفذ قرار نقل السفارة الأمريكية إلى القدس في عام 2018، وهو ما اعتُبر تحولاً كبيراً في السياسة الأمريكية تجاه القضية الفلسطينية، وأثار جدلاً واسعاً ورفضاً من الدول العربية والإسلامية، باعتبار أن القدس تعد قضية حساسة في النزاع الفلسطيني-الإسرائيلي.
كما اعترف ترامب في عام 2019 بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان السورية المحتلة، في خطوة عكست دعماً قوياً للمطالب الإسرائيلية على حساب قرارات الأمم المتحدة التي تعتبر الجولان أراضٍ محتلة.
وبالإضافة إلى دعمه لإسرائيل، تبنى ترامب موقفاً متشدداً للغاية تجاه إيران، حيث قرر الانسحاب من الاتفاق النووي لعام 2015 الذي وُقع في عهد الرئيس باراك أوباما، والذي كان يهدف إلى الحد من البرنامج النووي الإيراني مقابل رفع العقوبات. عارض ترامب هذا الاتفاق بشدة، معتبراً إياه غير كافٍ للحد من النفوذ الإيراني في المنطقة، وأعاد فرض عقوبات اقتصادية صارمة على طهران فيما يعرف بسياسة "الضغوط القصوى".