في الثامن من ديسمبر الجاري، شهد التاريخ السوري الحديث تحولًا غير مسبوق مع سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. حيث تزامن هذا الحدث السياسي الكبير انهيار جديد لليرة السورية، التي فقدت 42% من قيمتها مقابل الدولار الأمريكي في يوم واحد، لتصل إلى مستوى غير مسبوق بلغ 22 ألف ليرة للدولار.
ورغم هذه الخسارة الكبيرة، أظهرت الليرة السورية، التي تعرضت لسلسلة من الانهيارات على مدى السنوات، علامات تعافٍ مفاجئة خلال اليومين التاليين.
حيث سجلت الليرة مستويات 16 ألف ليرة مقابل الدولار في أسواق دمشق، قبل أن تستقر عند 13 ألف ليرة في المعاملات التجارية.
وبعد سقوط النظام، برزت دعوات لإجراء تغييرات جوهرية في النظام النقدي السوري. تتضمن هذه الدعوات إصدار عملة جديدة تحمل رموزًا تبتعد عن حقبة الأسد، وتقليل الأصفار التي أرهقت الاقتصاد السوري بأرقام ضخمة.
وفي الوقت نفسه، تصاعدت النقاشات حول ضرورة رفع العقوبات الدولية وإعادة بناء البنية التحتية الاقتصادية. كما أُكد على أهمية تهيئة بيئة جاذبة للاستثمارات الوطنية والدولية لتعزيز الاقتصاد السوري في المرحلة المقبلة.
يعتقد خبراء الاقتصاد أن إزالة الأصفار ليس حلاً سحريًا، بل هو إجراء تكميلي يعتمد على تحقيق استقرار اقتصادي شامل أولاً.
ومن جهة أخرى، تُطرح فكرة استخدام العملات الأجنبية كإجراء مؤقت لتخفيف الضغط عن الليرة السورية وتحقيق استقرار نقدي نسبي، خاصة مع التدفق المتوقع للعملات الأجنبية من السوريين المغتربين وعمليات إعادة الإعمار.
ومن جانبه قال الخبير الاقتصادي الدكتور عماد الدين المصبح، أستاذ الاقتصاد في كليات الشرق العربي، أن سقوط نظام الأسد قد يمهد الطريق لاستقرار نسبي لليرة السورية بعد سنوات من الانهيار. وأوضح أن هذا التغيير السياسي من المحتمل أن يفتح الباب أمام تدفق كبير للعملات الأجنبية، خاصة مع عودة الاستثمارات وعمليات إعادة الإعمار.
وأشار المصبح إلى أن السماح بتداول العملات الأجنبية مثل الليرة التركية والدولار الأمريكي سيخفف الضغط على الليرة السورية ويوفر بدائل عملية للمواطنين في تعاملاتهم اليومية.
وأضاف أن الليرة السورية فقدت الكثير من قيمتها، وأن الأرقام الفلكية التي وصلت إليها أصبحت عبئًا على المعاملات. ومع ذلك، شدد على أن إلغاء الأصفار ليس حلاً جذريًا للمشكلة، بل هو إجراء شكلي لا يعالج الأسباب الجوهرية.
وأكد أن ما تحتاجه سوريا هو استقرار اقتصادي شامل يشمل إعادة بناء البنية التحتية، تشجيع الإنتاج، خلق فرص عمل، وضبط السياسات النقدية. وعندما يتحقق هذا الاستقرار، يمكن حينها التفكير في إلغاء الأصفار كخطوة تكميلية.
أوضح أستاذ الاقتصاد في كليات الشرق العربي أن الحاجة إلى إصدار عملة جديدة في سوريا لا تنبع فقط من أسباب اقتصادية، بل أيضاً من اعتبارات رمزية. فالعملة الحالية، وبخاصة بعض فئاتها، تحمل رموزاً مرتبطة بالنظام السابق، مما قد يثير حساسيات لدى العديد من السوريين.
لذلك، فإن طرح عملة جديدة بتصميم عصري وخالٍ من الرموز المثيرة للجدل سيمثل بداية مرحلة جديدة، ويعد رمزاً للوحدة الوطنية.
وكان مصرف سوريا المركزي قد أكد مؤخراً أن العملة المتداولة في البلاد هي الليرة السورية بجميع فئاتها، وأنه لم يتم سحب أي فئة من التداول.
كما وجه المصرف شركات الصرافة والحوالات الداخلية بضرورة الالتزام بتسليم الحوالات للمستحقين بالليرة السورية.