تسارعت وتيرة المحادثات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية خلال الأيام الأخيرة، مع اقترابهما من التوصل إلى اتفاق تجاري جديد قد يُعيد رسم ملامح العلاقة الاقتصادية بين الجانبين.
ويأتي ذلك في ظل مساعٍ متبادلة لتخفيف حدة التوترات التجارية، التي تصاعدت في السنوات الماضية بسبب الخلافات الجمركية والقيود المتبادلة على الصادرات والواردات.
اتفاق جديد على غرار صفقة واشنطن-طوكيو
بحسب ما أوردته صحيفة فاينانشال تايمز يوم الأربعاء، فإن الاتفاق المرتقب يشمل فرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية بنسبة 15% على واردات محددة من الاتحاد الأوروبي، في إطار نهج مشابه للاتفاق التجاري الذي توصلت إليه الإدارة الأمريكية سابقًا مع اليابان في عهد الرئيس دونالد ترامب.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة لتحقيق توازن بين حماية الصناعة الأمريكية واستمرار تدفق المنتجات الأوروبية إلى الأسواق الأمريكية.
تنازلات متبادلة لاحتواء التوترات
تشير مصادر مطلعة على سير المحادثات، نقلًا عن الصحيفة، إلى أن المفاوضات لا تقتصر فقط على فرض رسوم جديدة، بل تتضمن أيضًا احتمالية إلغاء أو تخفيف بعض الرسوم الحالية المفروضة على سلع استراتيجية.
وتشمل قائمة هذه المنتجات الطائرات التجارية، والمشروبات الكحولية، والأجهزة الطبية، التي كانت في قلب النزاعات التجارية السابقة بين بروكسل وواشنطن.
وتهدف هذه التنازلات إلى تمهيد الطريق أمام اتفاق أكثر شمولًا، يُعيد بناء الثقة ويُقلص الخلافات التجارية، خصوصًا في ظل حاجة الطرفين لتعزيز العلاقات الاقتصادية في مواجهة تحديات عالمية مثل تباطؤ النمو، واضطرابات سلاسل الإمداد، والمنافسة المتزايدة من الصين.
تحضيرات أوروبية لرد انتقامي محتمل
رغم الأجواء الإيجابية نسبيًا، فإن الاتحاد الأوروبي لا يزال يضع في حسبانه احتمال فشل المحادثات.
وفي هذا الإطار، يعمل المسؤولون الأوروبيون على إعداد حزمة من الإجراءات الانتقامية، في حال لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي بحلول الأول من أغسطس المقبل.
وتتضمن هذه الحزمة فرض رسوم جمركية تصل إلى 30% على واردات أمريكية مختارة، ضمن خطة يُقدّر حجمها الإجمالي بنحو 93 مليار يورو.
ويُعتقد أن هذه الخطوة تهدف إلى الضغط على الجانب الأمريكي لتقديم تنازلات أكبر، وفي الوقت ذاته حماية الصناعات الأوروبية من أي إجراءات تجارية أحادية الجانب قد تُتخذ لاحقًا من واشنطن.
غياب التعليقات الرسمية وتضارب في التحقق
حتى لحظة صدور التقرير، لم يصدر أي تعليق رسمي من قبل البيت الأبيض أو ممثلي المفوضية الأوروبية بشأن مضمون المفاوضات أو النقاط العالقة. كما لم تتمكن وكالة رويترز من التحقق من دقة ما ورد في تقرير فاينانشال تايمز بشكل مستقل، مما يُبقي المشهد مفتوحًا أمام احتمالات متعددة خلال الأيام المقبلة.
الأرقام التجارية تعكس أهمية العلاقة عبر الأطلسي
تُظهر البيانات الرسمية أن الولايات المتحدة استوردت في عام 2024 أكثر من 55 مليار دولار من السيارات وقطع الغيار من اليابان، في حين بلغت قيمة وارداتها من دول الاتحاد الأوروبي نحو 47.3 مليار يورو (ما يعادل 55.45 مليار دولار).
وتؤكد هذه الأرقام أهمية العلاقات التجارية الأمريكية-الأوروبية في بنية التجارة العالمية، ما يجعل أي اتفاق بين الطرفين ذا تأثير مباشر على حركة الاقتصاد الدولي.