تكبدت الأسواق العالمية خسائر حادة الشهر الماضي، بفعل أزمة القطاع المصرفي العالمي، والتي تسببت في سلسلة طويلة من الاضطرابات.
وشهدت الأسواق حالة من الذعر بعد إعلان بنك "سيلكون فالي" الأمريكي إفلاسه، مما دفع المودعين إلى سحب أموالهم من البنوك، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى إفلاس عدد أكبر من المصارف.
وخلال أيام قليلة، أعلنت مصارف أمريكية أخرى انهيارها، مما يجعل المستثمرون يخشون تفاقم الأزمة المصرفية، وتكرار سيناريو الأزمة المالية العالمية في عام 2008.
تسببت الأزمة المصرفية في زيادة الضغوط على الاقتصاد العالمي الذي يكافح تداعيات الزيادة الكبيرة في أسعار الفائدة، وسط الضغوط التضخمية الهائلة.
وبلغت خسائر الأسواق المالية عقب انهيار بنكي "سيلكون فالي" و"سيغنتشر" مليارات الدولارات خلال أسابيع قليلة.
لم تتوقف الأزمة عند المصارف الأمريكية فقط، بل سرعان ما انتقلت العدوى إلى المصارف الأوروبية، وأعلن بنك "كريدي سويس" السويسري أنه يعاني من أزمة سيولة.
بدأت السلطات الأمريكية تتخذ العديد من الإجراءات في محاولة للسيطرة على الأزمة المالية، وحاول الرئيس الأمريكي جو بايدن طمأنة الأسواق، مؤكدًا أن الأزمة آخذة في الانحسار.
كانت الضبابية هي السمة المهيمنة على المشهد حينها، فقد كان من الصعب توقع موعد إنتهاء الأزمة، وعودة الأسواق إلى طبيعتها.
وبالرغم من الضغوط والتحديات القوية التي تواجه الاقتصاد العالمي حاليًا من ارتفاع هائل في معدلات التضخم، وزيادة سريعة في أسعار الفائدة، وتوقعات تباطؤ النمو العالمي والدخول في ركود، إلا أن الأسواق العالمية تعافت سريعًا من تداعيات الأزمة المالية.
وبنسبة كبيرة تعافت الأسواق المالية الآن من توابع تلك الأزمة، وذلك بفضل الإجراءات السريعة التي اتخذتها الحكومة الأمريكية والأوروبية للسيطرة على الأزمة.
يبدو أن السلطات أدركت أن انهيار المصارف الأمريكية سيؤدي حتمًا إلى أزمة مالية كبيرة، في وقت صعب للغاية، مما دفع بنك الاحتياطيالفيدرالي الأمريكي إلى تقديم دعم بقيمة 200 مليار دولار ، لحماية جميع الودائع في بنكي "سيليكون فالي" و "سغنتشر".
وقرر البنك المركزي السويسري على الفور تقديم قرض طارئ بقيمة 54 مليار دولار لبنك "كريدي سويس" في محاولة لإنقاذه من الانهيار.
وتحسنت معنويات المستثمرين مع إعلان بنك "يو.بس.إس" استحواذه على بنك "كريدي سويس" وإنهاء أزمة السيولة التي كان يعاني منها المصرف.
ومنذ بداية الشهر الجاري، بدأت الأسواق العالمية تعود لطبيعتها وبدأ تأثير الأزمة المصرفية يتراجع يومًا بعد يومًا، حتى كاد أن يتلاشى.
وخالفت الأسواق توقعات المحللين، حيث كان من المتوقع أن تتكبد الأسواق العالمية خسائر حادة غير مسبوقة، وأن تجد صعوبة كبيرة في التعافي من تلك الأزمة، في ظل التحديات الصعبة التي يواجهها الاقتصاد العالمي بالفعل في الوقت الحالي.
وكان لتعافي الاقتصاد الصيني، ثاني أكبر اقتصاد على مستوى العالم، دور كبير في تحسن المعنويات وتعزيز آمال انتعاش الاقتصاد العالمي وتقليل احتمالية الدخول في حالة ركود.
وساعدت البيانات الاقتصادية الأخيرة التي أظهرت قوة سوق العمل الأمريكي، وتباطؤ معدل التضخم في الولايات المتحدة خلال الشهر الماضي في تقديم المزيد من الدعم للأسواق العالمية.
وعلى صعيد آخر، توقع عدد من صناع السياسة النقدية بالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وقف المركزي الأمريكي سياسة التشديد النقدي قريبًا في ظل تباطؤ معدل التضخم بالولايات المتحدة.
كل هذه العوامل مجتمعة لعبت دور كبير في السيطرة على الأزمة المصرفية، وساعدت الأسواق على التعافي منها بشكل أسرع.
الآن، يمكننا القول أن الأسواق العالمية تعافت بشكل شبه نهائي من توابع وتداعيات الأزمة المالية العالمية. ومخاوف المستثمرين من انهيار القطاع المصرفي قد تلاشت.