تُشير الفقاعات الاقتصادية إلى الظروف الاقتصادية التي تتسم بارتفاع غير مبرر في أسعار الأصول، مثل الأسهم والعقارات، ثم يتبع ذلك انهيار حاد في قيمتها. لقد شهد التاريخ عدة حالات من هذه الظاهرة، مما أدى إلى خسائر مالية فادحة وأزمات اقتصادية عميقة. ستتناول هذه المقالة تفاصيل الفقاعات المالية، بما في ذلك أسبابها وعواقبها، مع تقديم أمثلة من الحياة الواقعية، مع التركيز على حالة تاريخية بارزة.
في عالم الاقتصاد، تُعتبر استعارة "الفقاعة" رمزًا يثير مشاعر الخوف والقلق، وأحيانًا حتى الإثارة. في العقدين الماضيين فقط، شهدنا "انفجار" اثنتين من أبرز الفقاعات الاقتصادية في التاريخ: فقاعة دوت كوم في عام 2002، ومؤخراً فقاعة الإسكان الأمريكية في عام 2009.
ولكن، ما هي الفقاعة الاقتصادية بالضبط؟ ومتى تحدث؟ ببساطة، تحدث الفقاعة المالية عندما ينحرف سعر أحد الأصول بشكل كبير عن قيمته الأساسية. يقوم المضاربون بالاستثمار في أصول معينة، معتقدين أن قيمتها سترتفع في فترة زمنية قصيرة. ومع تزايد الطلب على الأصل، يبدأ سعره في الارتفاع.
في ذروتها، قد يصبح سعر الأصل بعيدًا تمامًا عن قيمته الحقيقية، مما يجعل من الصعب أو حتى المستحيل بيعه مرة أخرى. وعندما ينخفض الطلب بشكل حتمي، مع وصول الأسعار إلى مستويات لا يستطيع معها المستثمرون الشراء، تنفجر الفقاعة. ونتيجة لذلك، يُترك الكثير من الناس في حالة من الإفلاس والديون، حائزين على أصول لا قيمة لها.
إضافةً إلى ذلك، تلعب عوامل مثل المضاربة المفرطة، وزيادة الاقتراض، والانفصال بين القيمة الأساسية والسعر السوقي دورًا في نشوء الفقاعات. كما أن التصريحات الإعلامية والمبالغة في التفاؤل يمكن أن تسهم في خلق بيئة محفزة للفقاعة. على مر الزمن، أظهرت الفقاعات المالية كيف يمكن للعواطف الجماعية أن تؤثر بشكل كبير على القرارات الاستثمارية، مما يؤدي إلى تقلبات شديدة في السوق.
`تشمل الأمثلة الشهيرة فقاعة الدوت كوم في أوائل 2000، فقاعة الإسكان الأمريكية في 2008، وجنون التوليب في القرن السابع عشر.
تتعدد الأسباب، وتشمل النشوة غير العقلانية، أسعار الفائدة المنخفضة، الانفصال بين السعر والقيمة الأساسية، بالإضافة إلى المضاربة وعقلية القطيع.
ما هي بعض الأمثلة الشهيرة للفقاعات المالية؟
الفقاعة الاقتصادية هي حالة يتم فيها تداول الأوراق المالية والأصول بأسعار تفوق بكثير قيمتها الجوهرية. تُعتبر هذه الظاهرة السوقية مميزة بارتفاع أسعار الأصول إلى مستويات غير مستدامة، مما يؤدي إلى انفصال واضح بين السعر السوقي والقيمة الأساسية للأصل. غالبًا ما يكون من الصعب اكتشاف الفقاعات في الوقت الفعلي، وذلك بسبب الاختلافات الكبيرة في التقييمات والتصورات حول القيمة الحقيقية للأصل. نتيجة لذلك، قد يظل المستثمرون غير مدركين لخطر الانهيار المحتمل حتى يصبح الأمر متأخراً.
تنشأ الفقاعة الاقتصادية عندما يرتفع سعر سلعة أو أصل ما بشكل ملحوظ عن قيمته الحقيقية. تُعزى هذه الزيادات عادةً إلى تغيرات في سلوك المستثمرين، على الرغم من أن الأسباب التي تؤدي إلى هذه التغيرات لا تزال موضوع نقاش.
تؤدي الفقاعات في الأسواق المالية إلى إعادة توجيه الموارد نحو قطاعات تشهد نموًا سريعًا، لكن عندما تنفجر الفقاعة، يتم إعادة توزيع هذه الموارد، مما ينتج عنه انخفاض حاد في الأسعار.
كمثال على ذلك، شهد الاقتصاد الياباني فقاعة في الثمانينيات بعد تحرير النظام المصرفي جزئيًا، مما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار العقارات والأسهم. ومن جهة أخرى، كانت طفرة الدوت كوم في أواخر التسعينيات مثالًا آخر على فقاعة في سوق الأسهم، حيث برزت المضاربة المفرطة في شركات التكنولوجيا المرتبطة بالإنترنت. خلال هذه الفترة، اشترى المستثمرون أسهم التكنولوجيا بأسعار مرتفعة، مع توقعات بزيادة الأسعار، حتى أدت فقدان الثقة إلى تصحيح كبير في السوق.
اقرأ أيضًا: كيفية تداول الأسهم، المضاربة في الأسهم للمبتدئين
تُعتبر الفقاعات المالية ظاهرة شائعة في الأسواق الاقتصادية، حيث ترتفع أسعار الأصول بشكل غير مبرر قبل أن تنهار. ترجع أسباب هذه الفقاعات إلى عدة عوامل، أبرزها "النشوة غير العقلانية"، حيث يؤدي التفاؤل المفرط إلى تجاهل المستثمرين للمؤشرات الأساسية. كما تسهم أسعار الفائدة المنخفضة والائتمان السهل في تعزيز المضاربة، بينما تؤدي عقلية القطيع إلى اتخاذ قرارات استثمارية غير محسوبة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تلعب الأنشطة غير القانونية، مثل التلاعب بالسوق، دورًا في تفاقم هذه الفقاعات.
لا يوجد سبب واحد محدد لتكوين الفقاعة الاقتصادية، حيث تختلف وجهات نظر خبراء الاقتصاد والمحللين حول العوامل المؤدية لها. ومع ذلك، هناك بعض المواقف والظروف التي قد تسهم في ظهور الفقاعات الاقتصادية:
تشير النشوة غير العقلانية إلى حالة من التفاؤل المفرط والحماس بين المستثمرين، مما يجعلهم يعتقدون أن أسعار الأصول ستستمر في الارتفاع بلا نهاية. هذه العقلية تدفع المستثمرين إلى تجاهل المؤشرات الأساسية لقيمة الأصول، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات غير مستدامة. استخدم آلان جرينسبان، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي السابق، مصطلح "النشوة غير العقلانية" في عام 1996 لوصف فقاعة الدوت كوم.
تلعب المعلومات المضللة دورًا كبيرًا في تعزيز الفقاعات المالية، حيث يتم تداول الشائعات والتوقعات غير المدعومة بدليل. هذه المعلومات قد تدفع المستثمرين إلى اتخاذ قرارات مبنية على الخوف أو الطمع، مما يؤدي إلى ارتفاعات غير مبررة في الأسعار.
تساهم أسعار الفائدة المنخفضة وتوفر الائتمان بسهولة في تأجيج الفقاعات المالية، حيث تشجع المستثمرين على الاقتراض وزيادة المعروض النقدي في السوق. مع تدفق المزيد من الأموال، يرتفع الطلب على الأصول، مما يدفع أسعارها إلى الأعلى. ظروف الاقتراض المواتية هذه قد تؤدي أيضًا إلى زيادة المضاربة والمجازفة، مما يعزز نمو الفقاعة.
يمكن أن تساهم الابتكارات المالية، مثل الصناديق الاستثمارية الجديدة أو الأدوات المالية المعقدة، في خلق بيئة ملائمة للفقاعات. هذه الابتكارات قد تجعل من السهل للمستثمرين الدخول إلى السوق، ولكنها أيضًا قد تعزز المضاربة وتحجب المخاطر الحقيقية المرتبطة بالأصول.
تدل عقلية القطيع على ميل الأفراد لتقليد سلوك مجموعة أكبر، غالبًا دون مراعاة الأسس الاقتصادية. في الأسواق المالية، قد يؤدي هذا السلوك إلى شراء الأصول بشكل أعمى عندما يرى المستثمرون آخرين يفعلون الشيء نفسه، مما يخلق زيادة في الطلب وارتفاع الأسعار. هذه الديناميكية المضاربية تسهم بشكل كبير في تكوين ونمو الفقاعات المالية.
في عصر العولمة، تؤثر الأحداث الاقتصادية والسياسية في بلد ما على الأسواق العالمية. أي تطور غير متوقع يمكن أن يخلق حالة من الذعر أو الهوس في الأسواق، مما يؤدي إلى تكوين فقاعات في مناطق معينة.
يساهم التلاعب بالسوق والأنشطة الاحتيالية في نشوء الفقاعات المالية. تشمل هذه الأنشطة مثل التداول من الداخل، والتلاعب بالأسعار، ونشر معلومات مضللة بهدف التأثير على مشاعر المستثمرين. هذه الممارسات قد تؤدي إلى تشويه الأسعار الحقيقية للسوق وخلق انطباع مزيف عن ازدهار السوق، مما يجذب المزيد من المستثمرين ويغذي الفقاعة.
تعتبر الفقاعات المالية من الظواهر الشائعة والمعقدة في الأسواق الاقتصادية، حيث تتشكل عندما ترتفع أسعار الأصول بشكل غير مبرر، مما يؤدي في النهاية إلى انهيار حاد. تتسبب هذه الفقاعات في خسائر فادحة للمستثمرين وقد تؤثر سلبًا على الاقتصاد ككل. لفهم هذه الظاهرة، من المهم دراسة مراحل تطورها، التي تتراوح بين البداية المتمثلة في النزوح والاهتمام المتزايد، وصولاً إلى النشوة التي تعقبها مرحلة الذعر والانهيار. من خلال استكشاف هذه المراحل، يمكننا فهم العوامل التي تؤدي إلى ظهور الفقاعات وكيفية التعامل معها في المستقبل، مما يعزز من قدرة المستثمرين وصانعي السياسات على اتخاذ قرارات أكثر وعيًا وتجنب الأزمات المالية.
الوصف: تبدأ المرحلة عندما يجذب ابتكار أو تقنية جديدة أو تحول اقتصادي انتباه المستثمرين. يتمثل هذا في زيادة الاستثمارات في قطاع معين، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار الأصول.
الخصائص: تكون الأسعار في هذه المرحلة قريبة من قيمتها الجوهرية، لكن هناك اهتمام متزايد بالفرص الجديدة. يمكن أن يكون التفاؤل معتدلاً، حيث يبدأ المستثمرون في استكشاف إمكانيات النمو.
الوصف: في هذه المرحلة، تشهد أسعار الأصول زيادة سريعة نتيجة لحماس المستثمرين وزيادة المشاركة في السوق.
الخصائص: تُغذي وسائل الإعلام الضجيج حول القطاع، مما يؤدي إلى دخول عدد متزايد من المستثمرين إلى السوق. الأسعار ترتفع بشكل ملحوظ، وغالبًا ما يبدأ التفاؤل في تجاوز الأساسيات الاقتصادية.
الوصف: تعتبر مرحلة النشوة ذروة الفقاعة، حيث تصل أسعار الأصول إلى أعلى مستوياتها.
الخصائص: يُظهر المستثمرون تفاؤلًا وثقة غير محدودة، معتقدين أن الأسعار ستستمر في الارتفاع بلا حدود. يتم تجاهل التحليل العقلاني، ويُعتبر التحذير من المخاطر مجرد تشاؤم. تتغلب العواطف على المنطق، مما يؤدي إلى المزيد من المضاربة.
الوصف: مع بدء انكماش الفقاعة، يبدأ بعض المستثمرين في إدراك الطبيعة غير المستدامة للسوق.
الخصائص: يبدأ هؤلاء المستثمرون في بيع أصولهم لتأمين الأرباح، مما يمثل بداية النهاية للفقاعة. تتزايد حالات البيع، ويبدأ الانخفاض التدريجي في الأسعار، حيث يتبع المزيد من المستثمرين نفس النهج.
الوصف: تشكل هذه المرحلة النهاية الحادة للفقاعة، حيث يحدث انهيار مفاجئ في أسعار الأصول.
الخصائص: يتسارع بيع الأصول من قبل المستثمرين، مما يؤدي إلى انخفاض حاد في الأسعار. يتعرض الكثير من المستثمرين لخسائر كبيرة، خاصة أولئك الذين اشتروا في ذروة الفقاعة. يمكن أن يؤدي ذلك إلى ردود فعل سلبية في السوق، مما يسبب حالات إفلاس وأزمات اقتصادية واسعة النطاق.
تساعد هذه المراحل في فهم كيفية تطور الفقاعات المالية وكيفية حدوثها. من خلال التعرف على هذه الديناميكيات، يمكن للمستثمرين أن يكونوا أكثر وعيًا للمخاطر المرتبطة بالاستثمار في الأسواق المتقلبة، مما يساعدهم في اتخاذ قرارات استثمارية أكثر حكمة.
تتسبب الفقاعات المالية في مجموعة من العواقب التي تمتد إلى ما هو أبعد من الخسائر الفردية، مما يؤثر على الاقتصاد بأسره وعلى نفسية المستثمرين. فهم هذه العواقب يمكن أن يساعد في تطوير استراتيجيات وقائية وإعادة التأهيل لتعزيز الاستقرار المالي والنفسي.
عندما تنفجر الفقاعة المالية، يتعرض المستثمرون، وخاصة الذين دخلوا السوق خلال مرحلة النشوة، لخسائر كبيرة. هذه الخسائر يمكن أن تؤدي إلى محو المدخرات الفردية، مما يؤثر سلبًا على الرفاه المالي للأفراد والعائلات. فقدان الثروة لا يقتصر على الأصول المالية فقط، بل يمتد ليشمل فقدان الثقة في الأسواق.
في أعقاب الفقاعات المالية، تميل الحكومات والسلطات التنظيمية إلى فرض قواعد أكثر صرامة للحد من حدوث أزمات مستقبلية. قد تشمل هذه القواعد زيادة الرقابة على ممارسات الإقراض، ومتطلبات رأس المال المرتفعة للمؤسسات المالية، وتعزيز الشفافية في الأسواق. بينما تهدف هذه التدابير إلى تقليل المخاطر النظامية وتعزيز الاستقرار المالي، فإنها قد تؤدي أيضًا إلى عواقب غير مقصودة، مثل الحد من الابتكار وتقييد النمو الاقتصادي.
انهيار الفقاعة المالية يمكن أن ينتج عنه عواقب وخيمة على الاقتصاد بشكل عام. انخفاض أسعار الأصول يؤدي إلى تآكل ثقة المستهلكين والمستثمرين، مما ينخفض معه الإنفاق والاستثمار. هذه الديناميكية يمكن أن تؤدي إلى الركود، الذي يتميز بارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض الناتج المحلي، وتباطؤ النمو الاقتصادي.
يمكن أن تخلف الفقاعات المالية آثارًا نفسية عميقة وطويلة الأمد على المستثمرين والمجتمع. بعد التعرض لخسائر كبيرة، يصبح الأفراد أكثر حذرًا ويتجنبون المخاطر، مما يؤثر سلبًا على الاستثمارات في المستقبل. هذا التحول في العقلية يمكن أن يبطئ التعافي الاقتصادي ويعوق النمو على المدى البعيد. كما أن الخوف والقلق الناتجان عن الفقاعات قد يدفعان المستثمرين إلى اتباع نهج أكثر حذرًا، مع التركيز على أساسيات السوق وتجنب الاستثمارات المضاربية.
يمكن تصنيف الفقاعات الاقتصادية إلى أربع فئات رئيسية، وكل فئة لها خصائصها وأمثلتها الخاصة:
التعريف: تحدث عندما ترتفع أسعار الأسهم في السوق بشكل سريع يتجاوز قيمتها الجوهرية.
مثال: فقاعة الدوت كوم في أواخر التسعينيات، حيث تضخمت أسعار أسهم شركات التكنولوجيا بشكل كبير نتيجة للتفاؤل المفرط، قبل أن تنهار الأسعار في عام 2000.
التعريف: تنطوي على زيادة الطلب على القروض الاستهلاكية وأدوات الدين، مثل السندات. تنشأ عندما تكون أسعار الفائدة منخفضة أو تتوفر شروط إقراض ميسرة.
مثال: أزمة الرهن العقاري في الولايات المتحدة عام 2008، حيث أدت السياسات الائتمانية الميسرة إلى انفجار في أسعار العقارات قبل انهيار السوق.
التعريف: تتشكل عندما ترتفع أسعار السلع الأساسية مثل النفط والذهب والمعادن الأخرى بشكل كبير وغير مبرر.
مثال: فقاعة النفط في 2008، عندما ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير بسبب المضاربات والطلب المتزايد، قبل أن تنهار الأسعار في العام التالي.
التعريف: تشير إلى فقاعات تتشكل في قطاعات معينة من الاقتصاد، مثل العقارات أو التكنولوجيا.
مثال: فقاعة العقارات في الولايات المتحدة التي بدأت في منتصف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، حيث ارتفعت أسعار المنازل بشكل كبير بسبب المضاربة والائتمان السهل، مما أدى إلى أزمة في سوق الإسكان.
كل نوع من هذه الفقاعات يعكس ديناميكيات سوق معينة ويؤثر بشكل مختلف على الاقتصاد الكلي والقطاع المالي.
جدول أنواع الفقاعات الاقتصادية
النوع | التعريف | المثال |
فقاعة سوق الأوراق المالية | ارتفاع أسعار الأسهم بشكل مفرط. | فقاعة الدوت كوم (1999-2000) |
فقاعة الائتمان | زيادة الطلب على القروض بسبب شروط ميسرة. | فقاعة النفط (2008) |
فقاعة السلع الأساسية | ارتفاع غير مبرر لأسعار السلع الأساسية. | فقاعة العقارات (2006-2008) |
فقاعة السوق | تضخم أسعار في قطاعات معينة مثل العقارات. | فقاعة العقارات (2006-2008) |
تُعتبر الفقاعات الاقتصادية ظاهرة متكررة في تاريخ الأسواق المالية، حيث ترتفع أسعار الأصول بشكل مبالغ فيه بفعل التفاؤل المفرط والمضاربات. من فقاعة التوليب الهولندية في القرن السابع عشر إلى فقاعة الإسكان الأمريكية في 2008، تكشف هذه الفقاعات عن الدروس المستفادة حول طبيعة الأسواق ودور العواطف في اتخاذ القرارات الاستثمارية. سنستعرض في هذا السياق أبرز الفقاعات الاقتصادية وتأثيراتها على المستثمرين والاقتصادات.
خلال ذروة جنون التوليب الهولندي، بلغت أسعار بصيلات التوليب مستويات غير مسبوقة، حيث وصلت إلى 5500 جيلدر، وهو ما يعادل قيمة منزل جميل على قنوات أمستردام. على الرغم من أن انهيار الأسعار لم يكن له تأثير كبير على الاقتصاد الكلي الهولندي، إلا أنه تسبب في زعزعة الثقة في الأسواق المالية، ولم تستعد الأسواق عافيتها بعد هذه الفقاعة.
في عام 1716، قدم الاقتصادي الاسكتلندي جون لو رؤية طموحة لإحياء الاقتصاد الفرنسي الذي عانى من الحروب. حصل على إذن لإنشاء بنك يمتلك السلطة لطباعة الأوراق النقدية لتمويل ديون الحكومة. بعد عام، استحوذ البنك على السيطرة على التجارة في وادي نهر المسيسيبي. لكن سرعان ما انهارت الخطة عندما تدافع حاملو الأوراق النقدية لتحويلها إلى عملات معدنية، مما أدى إلى انهيار الثقة في البنك.
شهدت شركة بحر الجنوب في الفترة من 31 أغسطس إلى 1 أكتوبر 1720 انهيارًا حادًا في سعر سهمها، حيث انخفض من 775 جنيهًا إسترلينيًا إلى 290 جنيهًا إسترلينيًا. عانت الشركة من مضاربات مفرطة مرتبطة بديون الحرب الإنجليزية، مما أسفر عن فقدان العديد من المستثمرين لأموالهم.
كان جريجور ماكجريجور يروج لمشروع وهمي لاستقطاب المستثمرين إلى أرض خيالية تُعرف بويايس، مُشيرًا إلى ثرواتها الطبيعية وموقعها الاستراتيجي. لكن تلك المشاريع كانت في الحقيقة مجرد خدعة، مما أسفر عن خسائر فادحة للكثير من المستثمرين.
أسهمت سنوات العشرينيات المذهلة في ظهور الابتكارات التكنولوجية وناطحات السحاب المهيبة في مانهاتن، مثل مبنى كرايسلر الذي يتكون من 77 طابقًا. ومع ذلك، بحلول عام 1930، كانت البلاد قد دخلت في الكساد الأعظم، مما ألقى بظلاله على الاقتصاد الأمريكي وأدى إلى أزمة مالية عميقة أثرت على جميع فئات المجتمع.
استحوذت شركات الإنترنت على اهتمام المستثمرين في أواخر التسعينيات، مما أدى إلى تضخم قيمتها بشكل غير مبرر. انتهت الفقاعة بانهيار السوق في عام 2000، مما أدى إلى خسائر كبيرة.
أدت فقاعة دوت كوم في أواخر التسعينيات إلى اندلاع ركود، إلا أن تأثيره كان أخف بكثير مقارنة بالركود الذي حدث في عام 2008. خلال تلك الفقاعة، ضخ المستثمرون أموالاً ضخمة في شركات التكنولوجيا الناشئة، مما أدى إلى طفرة تكنولوجية مذهلة. ومع ذلك، انتهت هذه الطفرة بالانهيار عندما فشلت بعض الشركات، التي كانت تُعتبر واعدة في السابق، في تحقيق نتائج فعلية وتحويل توقعاتها إلى نماذج أعمال مستدامة.
أغلقت العديد من الشركات أبوابها، بينما نجت أخرى لكنها شهدت انخفاضاً حاداً في أسعار أسهمها. وكان من بين الأكثر تضرراً المستثمرون في مجال التكنولوجيا وموظفو الشركات الذين فقدوا وظائفهم نتيجة الفشل التجاري. هذا الانهيار لم يؤثر فقط على الثقة في القطاع التكنولوجي، بل ترك أثرًا طويل الأمد على الاقتصاد ككل، مما دعا إلى إعادة تقييم مفاهيم الاستثمار والمخاطرة.
شهدت أسعار العقارات في الولايات المتحدة ارتفاعًا كبيرًا قبل أن تنهار، مما أدى إلى أزمة الرهن العقاري وانهيار النظام المالي في عام 2008. أثرت هذه الأزمة على الاقتصاد العالمي وأدت إلى ركود اقتصادي.
شهدت أسعار العملات الرقمية، مثل البيتكوين، ارتفاعات كبيرة في عام 2017، مما جذب العديد من المستثمرين. ومع بداية عام 2018، شهدت الأسعار انهيارًا كبيرًا، مما أدى إلى خسائر ضخمة للعديد من المستثمرين.
في الختام، تمثل الفقاعات المالية ظاهرة معقدة ومتكررة في تاريخ الاقتصاد، حيث تعكس السلوكيات الإنسانية والدوافع النفسية التي تقود المستثمرين إلى اتخاذ قرارات استثمارية غير محسوبة. من خلال فهم المراحل المختلفة لتطور الفقاعات، والأسباب الكامنة وراءها، يمكننا استيعاب كيف تؤثر هذه الفقاعات على الأفراد والاقتصادات على حد سواء.
تجعل الدروس المستفادة من الفقاعات التاريخية مثل فقاعة الدوت كوم وفقاعة الإسكان الأمريكية، من الضروري أن نكون أكثر وعياً بمخاطر المضاربة والنشوة غير العقلانية. إذ تلعب العواطف الجماعية دوراً محورياً في تحديد مسارات السوق، مما يسلط الضوء على أهمية التفكير النقدي والتحليل الواقعي عند اتخاذ القرارات الاستثمارية.
إضافةً إلى ذلك، يجب على الحكومات والجهات التنظيمية أن تضع سياسات وقواعد تمنع حدوث فقاعة جديدة، مع الأخذ بعين الاعتبار ضرورة توازن الابتكار المالي مع الحذر والشفافية. بالتالي، يبقى الوعي المستمر والبحث عن المعرفة الاقتصادية أدوات أساسية للحماية من تأثيرات الفقاعات المالية والحد من آثارها الضارة على الاقتصاد والمجتمع ككل.
الفقاعة المالية هي حالة تنشأ عندما ترتفع أسعار الأصول بشكل كبير وغير مبرر عن قيمتها الحقيقية، مما يؤدي في النهاية إلى انهيار الأسعار بشكل حاد.
يمكن تحديد الفقاعة المالية من خلال مؤشرات مثل ارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه، زيادة المضاربة، والافتقار إلى دعم أساسي للأصول، مثل الأرباح أو النمو الاقتصادي.
تتعدد الأسباب، وتشمل النشوة غير العقلانية، أسعار الفائدة المنخفضة، الانفصال بين السعر والقيمة الأساسية، بالإضافة إلى المضاربة وعقلية القطيع.
تشمل الأمثلة الشهيرة فقاعة الدوت كوم في أوائل 2000، فقاعة الإسكان الأمريكية في 2008، وجنون التوليب في القرن السابع عشر.