تتسم الانتخابات الأمريكية بالفعل بنظام معقد يختلف عن الكثير من الأنظمة الانتخابية في العالم، فهي تعتمد على نظام "المجمع الانتخابي".فعندما يدلي الناخبون بأصواتهم، فهم في الواقع لا يختارون الرئيس بشكل مباشر، وإنما يختارون "مندوبين" في هذا المجمع عن كل ولاية.يقوم هؤلاء المندوبون، بعد جمع أصواتهم، بالتصويت لصالح المرشح الرئاسي. بهذا المعنى، يعتمد فوز المرشح على تجميع أكبر عدد من المندوبين، وليس فقط على عدد الأصوات الشعبية.ولكل ولاية عدد محدد من المندوبين في المجمع الانتخابي بناءً على حجمها السكاني. هذا النظام يجعل بعض الولايات الحاسمة، التي تتأرجح بين الحزبين، تتمتع بتأثير كبير في تحديد نتيجة الانتخابات.ما الذي يعتمد عليه النظام الانتخابي الأمريكي؟يعتمد النظام الانتخابي في الولايات المتحدة على مفهوم "الفائز يأخذ كل شيء" في أغلب الولايات، حيث يحصل المرشح الذي ينال غالبية الأصوات الشعبية على كامل أصوات المجمع الانتخابي للولاية.وهذا يعني أنه حتى لو فاز مرشح بأغلبية بسيطة في ولاية معينة، فإنه يأخذ كل أصوات المندوبين المخصصة لتلك الولاية، مما يجعل تأثير كل ولاية حاسماً.تُستثنى من هذه القاعدة ولايتان فقط، هما نبراسكا وماين، حيث يتم توزيع أصوات المجمع الانتخابي بناءً على نتائج التصويت في كل دائرة انتخابية، مما قد يؤدي إلى تقسيم أصوات الولاية بين المرشحين.هذا النظام يخلق توازناً بين الولايات الكبيرة والصغيرة، ولكنه أيضاً يؤدي إلى تركيز الحملات الانتخابية على ما يُعرف بـ"الولايات المتأرجحة" التي قد تصوت لأي من الحزبين، حيث يصبح الفوز بها محورياً في تأمين العدد اللازم من أصوات المجمع الانتخابي للوصول إلى الرئاسة.إن نظام المجمع الانتخابي في الولايات المتحدة قد يؤدي أحيانًا إلى نتائج غير متوقعة، حيث يمكن لمرشح أن يفوز بالرئاسة حتى لو لم يحصل على الأغلبية المطلقة من أصوات الناخبين المباشرة على مستوى البلاد.وهذا الأمر حدث خمس مرات في التاريخ الأمريكي، حيث حصل مرشح على أغلبية أصوات المجمع الانتخابي رغم خسارته في التصويت الشعبي العام.هذا النظام يعكس تركيبة معقدة وهدفًا تاريخيًا يتمثل في تحقيق توازن بين الولايات الكبيرة والصغيرة، ومع ذلك، فقد تعرض لانتقادات على مدى السنوات الأخيرة، حيث يرى البعض أنه لا يعكس إرادة الشعب بشكل دقيق، خصوصًا في الحالات التي يفوز فيها مرشح بأغلبية الأصوات الشعبية دون أن يصل إلى البيت الأبيض.الانتخابات الرئاسية لعامي 2000 و2016 مثالان حديثان على ذلك، حيث فاز جورج بوش الابن في عام 2000 ودونالد ترامب في عام 2016 رغم خسارتهما التصويت الشعبي لصالح منافسيهما.نعم، "الناخب غير الملتزم" أو "عضو المجمع غير المخلص" هو ظاهرة تعكس نوعًا من الانحراف عن التوقعات في نظام المجمع الانتخابي، حيث قد يقرر أحد أعضاء المجمع الانتخابي التصويت لمرشح آخر غير المرشح الذي فاز بأغلبية أصوات الناخبين في ولايته. وهذا الأمر يمكن أن يثير جدلاً كبيراً، لأنه يخل بثقة الناخبين الذين صوتوا على أساس أن ممثليهم في المجمع الانتخابي سيصوتون للمرشح الذي اختاروه.رغم أن الدستور الأمريكي والقانون الفيدرالي لا يتناولان هذه الظاهرة بشكل مباشر، إلا أن بعض الولايات سنت قوانين لمعاقبة "الناخبين غير الملتزمين"، سواء بإجبارهم على التصويت للمرشح المعني أو بفرض عقوبات عليهم إذا خالفوا تعهدهم.ومع ذلك، لا يزال بإمكان الناخبين غير الملتزمين التأثير، كما حدث في انتخابات 2016، حينما امتنع خمسة من الديمقراطيين واثنان من الجمهوريين عن التصويت لمرشحيهم الرسميين.كيف يتم اختيار الرئيس؟ومن الجدير بالذكر أن المحكمة العليا الأمريكية أصدرت في عام 2020 قراراً يسمح للولايات بفرض عقوبات على الناخبين غير الملتزمين أو استبدالهم إذا خالفوا التعهد، ما يعزز من إمكانية تقليص تأثير هذه الظاهرة في المستقبل.صحيح، الدستور الأمريكي وضع معايير صارمة ومحددة للأهلية لمنصب الرئيس، حيث يُشترط أن يكون المرشح مولودًا في الولايات المتحدة، وعمره 35 عامًا على الأقل، ويكون قد عاش في البلاد لمدة لا تقل عن 14 عامًا.بالإضافة إلى ذلك، ينص التعديل الثاني والعشرون للدستور على منع أي شخص من الترشح لأكثر من فترتين رئاسيتين، وذلك لضمان تداول السلطة ومنع احتكارها.أما بالنسبة للسيناريو النادر الذي لا يحصل فيه أي مرشح على الأغلبية المطلوبة (270 صوتًا) في المجمع الانتخابي، فيتم اللجوء إلى إجراء طارئ وفقًا للتعديل الثاني عشر للدستور، حيث يتولى مجلس النواب اختيار الرئيس من بين أعلى ثلاثة مرشحين حصدوا أصوات المجمع الانتخابي، بينما يختار مجلس الشيوخ نائب الرئيس.هذا الوضع حدث مرة واحدة فقط في تاريخ الولايات المتحدة عام 1824، حينما لم يحصل أي مرشح على الأغلبية، فتم اختيار جون كوينسي آدامز رئيسًا بعد تصويت مجلس النواب.وفيما يتعلق بحق التصويت، فقد أُقر حق جميع المواطنين الذين يبلغون 18 عامًا أو أكثر في التصويت بعد إقرار التعديل السادس والعشرين للدستور عام 1971، مما أتاح فرصة أوسع للمشاركة الشعبية في الانتخابات.