قرر البنك الفيدرالي الأمريكي خلال الأسبوع الماضي عن رفع معدلات الفائدة الأمريكية بواقع 25 نقطة أساس متماشية مع توقعات السوق الماضية، ويأتي ذلك في ظل سعي البنك لكبح جماح التضخم والوصول إلى المستوى المستهدف عند 2%. كما ألمحت بعض البيانات بأن هناك استقرار في معدلات الفائدة وعدم رفعها خلال اجتماع البنك المقبل في يونيو. ما هو تأثير القرار على التجار والأسواق؟ أوضحت وكالة بلومبيرج الإخبارية بأن التجار والمعلقون على حد السواء بدأو فى التعبير عن إحباطهم من تقييم رئيس الاحتياطي جيروم باول للاقتصاد، وسط ردود فعل سلبية على قرار البنك المركزى الأمريكى. حيث انخفض سوق الأسهم عقب هذا القرار، واعترض السوق من رفضها لاحتمال أن يقوم الفيدرالي الأمريكي مرة أخرى برفع معدل الفائدة، وأضاف بدلا من ذلك إلى الرهان على أن الخطوة القادمة للبنك المركزى الأمريكي ستكون خفض سعر الفائدة القياسى. كما أوضح الخبراء بأن التراجع فى أسعار خام النفط قد يؤدس إلى المزيد من القلق بشأن حدوث ركود متوقع في القريب العاجل على الرغم من تصريحلت "جيروم باول" بأن هذا الأمر مستبعد. كما أشار "جيفرى جوندلاش" من مؤسسة دابل لاين كابيتال، فى تصريحات لشبكة CNBC، إن هناك احتمالية متزايدة لحدوث ركود، ولن يرفع الاحتياطي معدلات الفائدة على الأرجح بعد الزيادة الأخيرة. بينما رأى العديد من الخبراء أن الانكماش أمر لا مفر منه. وكان باول قد ألمح إلى أن الزيادة الأخيرة فى معدل الفائدة التي دفعت إجمالي الفائدة فوق 5%، يمكن أن تكون الأخيرة فى دائرة رفعت تكاليف الاقتراب من مستويات كانت تقترب من الصفر العام الماضى. وأكد رئيس الاحتياطي الفيدرالي إن هناك دعم قوى لرفع معدلات الفائدة بنحز 25 نقطة أساس هذا الأسبوع، إلا أنه أشار إلى أن المسئولين ربما يوقفون حملتهم المشددة فى يونيو. واعترف باول أن وتيرة إقراض البنك قد تباطأت، ولا تشير بيانات الاقتصاد الأمريكى إلى ان الركود على وشك الحدوث، فى حين أنها أشارت إلى بطئا فى سوق العمل. وكان قرار الفيدرالي الأمريكي عقب انهيار أربعة بنوك أمريكية منذ مارس، حيث كان الأخير مع بداية الأسبوع الماضي وهو فرست ريبابلك بنك، الذى استحوذ عليه المنظمون الفيدراليون الأسبوع الماضى. وأعرب البعض عن مخاوفهم من أن الاضطراب بين البنوك الأمريكية الأصغر يمكن أن يفر عن مزيد من الضحايا ويشدد ظروف الاقتراض. البيانات الاقتصادية وتأثيرها على قرار الفيدرالي الأمريكي: عقب اجتماع الفيدرالي الأمريكي خلال مارس الماضي، ظهرت العديد من البيانات الاقصادية المهمة والتي كان لها تأثير قوي على تحركات الدولار الأمريكي والعملات الرئيسية ومختلف الأسواق وتدعم قيام الفيدرالي الأمريكي بالاستمرار في رفع الفائدة ولكن بوتيرة بطيئة. حيث أشارت بعض البيانات عن تباين أداء التضخم الأمريكي خلال مارس الماضي، حيث انخفض مؤشر أسعار المستهلك الأمريكي إلى 5.0%، وهو أقل من توقعات الأسواق التي أشارت لتباطؤه إلى 5.1%. وفي نفس الوقت، أوضحت البيانات نمو التضخم الأمريكي على أساس شهري بنسبة 0.1%، وهو أقل أيضا من توقعات الأسواق التي أشارت لتسجيله 0.2%. أما فيما يتعلق بمعدل التضخم الأمريكي الأساسي والذي يستبعد أسعار الطاقة والغذاء، فقد أظهرت البيانات ارتفاعه إلى 5.6% على أساس سنوي بنهاية مارس الماضي، بما يتماشى مع توقعات الأسواق. وعلى الجانب الأخر أوضحت البيانات الصادرة في الولايات المتحدة، عن إيجابية أداء بيانات سوق العمل الأمريكي خلال مارس الماضي. حيث ارتفع التوظيف بالقطاع غير الزراعي بواقع 236 ألف وظيفة، بأفضل من توقعات الأسواق التي أشارت لارتفاع المؤشر بنحو 228 ألف وظيفة فقط. وفي الوقت ذاته، انخفضت البطالة الأمريكية إلى مستوى 3.5% خلال نفس الفترة، بأفضل من التوقعات والقراءة السابقة والتي كانت قد أشارت إلى استقرار المؤشر عند مستوى 3.6%. وبالتالي، فإن استمرار ضغوط التضخم وإيجابية بيانات سوق العمل الأمريكي تدعم استمرار الفيدرالي الأمريكي للاستمرار في رفع الفائدة ولكن بوتيرة بطيئة. ارتفاع الأسعار عقب قرار الفائدة الأمريكية: قال أخد الخبراء أنه يتوقع تأثير هذا القرار على مستويات الأسعار في الولايات المتحدة، فيستمر الانخفاض في معدلات التضخم بشكل طفيف وهو بالفعل في حالة انخفاض، إذ بلغ معدل التضخم السنوي في الولايات المتحدة في مارس 2023 نحو 5% بانخفاض قدره 1% عن نظيره في فبراير من نفس العام، وربما يضطر الاحتياطي الفيدرالي في الشهور المقبلة لاتخاذ قرارات محدودة لرفع الفائدة حتي يصل لمعدل التضخم المستهدف وهو 2%. انخفاض أسعار المعدن الأصفر: أشار بعض الخبراء بأنه مع ارتفاع سعر الفائدة يمكن أن تتغير قرارات الأفراد والمؤسسات في حيازة الأصول كالذهب والودائع وشهادات الإدخار وأذون الخزانة والعقارات، فالقرار يغير من الأسعار النسبية لهذه البدائل. وبالتالي سوف ينعكس هذا بالخفض على أسعار الذهب في السوق الأمريكية خاصة مع ارتفاع الدولار الأمريكي، كما أن تلميحات الاحتياطي الفيدرالي بقرب انتهاء سياسة التشديد النقدي ورفع أسعار الفائدة قد تضعف هذا التأثير. الآثار السلبية لرفع الفائدة يمكن أن يكون لهذا القرار تأثيراً سلبياً على أسواق الأوراق المالية الأمريكية، حيث تنخفض أسعارها نتيجة لرفع أسعار الفائدة وتزايد الحوافز نحو تحويل الموارد إلى البنوك الأمريكية استفادة من ارتفاع العائد على الودائع وعلى الشهادات المصرفية.