منذ حوالي 18 شهر، بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي معركته ضد التضخم المرتفع، واتجه نحو رفع أسعار الفائدة في محاولة للسيطرة على التضخم، بعد أن وصل إلى مستويات قياسية غير مسبوقة.
ورفع الاحتياطي الفيدرالي أسعار الفائدة بشكل كبير، وحذر من أنها قد تظل مرتفعة لفترة طويلة، لحين عودة التضخم إلى مستواه المستهدف البالغ 2%.
وقال جيروم باول، رئيس المركزي الأمريكي، إنه لا يستبعد أي سيناريو من شأنه مساعدة الاحتياطي الفيدرالي في السيطرة على ضغوط الأسعار.
وأكد باول، أن الزيادات الإضافية في أسعار الفائدة ستظل ضمن أساليب التغلب على التضخم المرتفع، في حال اقتضت الظروف الاقتصادية ذلك.
وخلال اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأخير في الأول من نوفمبر الجاري، قرر صناع السياسة النقدية بالمجلس تثبيت سعر الفائدة عند مستواها الحالي دون أي تغيير بين 5.25% و5.50%، وهو أعلى مستوى لها منذ 22 عامًا.
وفي سبتمبر الماضي، توقف الاحتياطي الفيدرالي عن رفعالفائدة، وأبقى عليها دون تغيير، وذلك بعد رفعها 11 مرة منذمارس 2022.
كان من المتوقع على نطاق واسع أن يقرر صناع السياسة النقدية بالمجلس الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، في ظل البيانات الاقتصادية القوية في الولايات المتحدة وقوة سوق العمل.
لكن مازالت احتمالات وجود زيادة جديدة في أسعار الفائدة الأمريكية قائمة، خاصة بعد تعليقات باول التي أكد خلالها استعداد البنك لمزيد من التشديد النقدي.
وبعد القرار الأخير، بالإبقاء على سعر الفائدة، للاجتماع الثاني على التوالي، يرى المحللون أن الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من حملته برفع الفائدة، التي بدأها منذ عام ونصف العام، لمواجهة الضغوط التضخمية.
والأن يركز صناع السياسة النقدية بالمركزي الأمريكي على التوقيت الأنسب لخفض معدلات الفائدة، والمدة التي يجب أن تظل فيها الفائدة عند مستويات مرتفعة.
وقال الفيدرالي، أن قراره يهدف إلى منح صناع السياسة النقدية وقتًا كافيًا لتقييم المعلومات الإضافية وتأثيرها على السياسة النقدية.
وأصدر الفيدرالي الأمريكي بيان يوم الأربعاء الماضي، أشار فيه إلى احتمالية وجود زيادة جديدة في تكاليف الاقتراض، كما أكد على قوة ومتانة الاقتصاد الأمريكي، لكنه أوضح أن الشركات والأسر تواجه أوضاع مالية صعبة.
وعزز قرار الاحتياطي الفيدرالي بالتوقف عن رفع أسعار الفائدة خلال الشهر الجاري، للمرة الثانية على التوالي، احتمالات البدء في خفض معدلات الفائدة، خاصة في ظل البيانات الاقتصادية التي تُظهر تباطؤ معدلات التضخم.
ويراهن المستثمرون الآن على أن أسعار الفائدة قد وصلت إلى ذروتها وسوف تبدأ في الانخفاض ببطء في الربعالثاني من العام القادم.
ويرى المحللون أن الفيدرالي الأمريكي سيبدأ في خفض أسعار الفائدة عندما يتراجع التضخم عن المستويات القياسية التي سجلها خلال الفترة الماضية.
في الوقت نفسه، قال المحللون أن العجز الكبير في ميزانية الحكومة يسهم بشكل قوي في رفع أسعار الفائدة وارتفاع معدل التضخم، مما يزيد التحديات أمام البدء في خفض أسعار الفائدة.
وقال آخرون، إن صناع السياسة النقدية بالاحتياطي الفيدرالي قد يخفضون أسعار الفائدة قليلًا في الربيع، بعد انتهاء الانتخابات، وذلك في حال أظهرت البيانات تباطؤ الاقتصاد في الربع الأخير من العام الجاري.
وأكدوا أن المركزي الأمريكي لن يبدأ في خفض الفائدة إلا عند وصول التضخم إلى مستواه المستهدف عند 2%، وعندما ينمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 3%، حينها سيخفض الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة لـ 5%.
وأجمع البعض على أن من الصعب تحديد موعد تخلي الاحتياطي الفيدرالي عن الفائدة المرتفعة، مؤكدين أن الجنةالفيدرالية للسوق المفتوحة نفسها لا تعرف متى.
يشار إلى أن البيانات الاقتصادية الأخيرة، أظهرت استقرار مؤشر أسعار المستهلكين الأمريكيين عند 3.7% في سبتمبر الماضي، على أساس سنوي.
وكما كان متوقعًا انخفض مؤشر أسعار المستهلكينالأساسي – الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والطاقةالمتقلبة- إلى 4.1 بالمئة على أساس سنوي، وهو أدنى مستوى له منذ أكثر من عامين.