قفز الدين العام للولايات المتحدة إلى مستوى قياسي غير مسبوق بلغ 38 تريليون دولار يوم الأربعاء، بحسب التقرير اليومي الصادر عن وزارة الخزانة الأميركية، في إشارة جديدة إلى تفاقم التحديات المالية التي تواجه أكبر اقتصاد في العالم في ظل استمرار الإغلاق الحكومي الفيدرالي.
وتُعد هذه الزيادة من أسرع وتائر تراكم الديون في التاريخ الأميركي الحديث – باستثناء فترة جائحة «كوفيد-19» – إذ ارتفع إجمالي الدين بنحو تريليون دولار خلال أقل من ثلاثة أشهر فقط، بعد أن كان عند حدود 37 تريليون دولار في أغسطس الماضي.
ويُقدّر أن الدين الأميركي ينمو حاليًا بمعدل مذهل يصل إلى نحو 4.8 ملايين دولار في الدقيقة، أي ما يقارب 6.9 مليارات دولار يوميًا.
ولتقريب الصورة، فإن الرقم البالغ 38 تريليون دولار يعادل تقريبًا الناتج المحلي الإجمالي المجمع لاقتصادات كل من الصين واليابان وألمانيا والهند والمملكة المتحدة مجتمعة، ما يعكس ضخامة العبء المالي الملقى على كاهل الخزانة الأميركية.
ويرى خبراء الاقتصاد أن استمرار هذا المسار التصاعدي في الديون قد يحمل مخاطر بعيدة المدى، أبرزها زيادة أعباء خدمة الدين وارتفاع تكاليف الاقتراض، وهو ما قد يضغط على الإنفاق الحكومي ويضعف الثقة في قدرة واشنطن على ضبط أوضاعها المالية.
وقال الخبير الاقتصادي كينت سميترز، الذي شغل منصبًا في وزارة الخزانة خلال إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، إن «التوسع المفرط في الاقتراض الحكومي يرفع احتمالات التضخم في المستقبل ويقوّض القوة الشرائية للأسر الأميركية».
من جانبه، وصف مايكل بيترسون، رئيس مؤسسة "بيتر جي. بيترسون" المعنية بمراقبة الاستدامة المالية، وصول الدين إلى هذا المستوى خلال فترة الإغلاق الحكومي بأنه «إشارة خطيرة على فشل المشرعين في أداء واجبهم المالي»، مؤكدًا أن غياب التوافق السياسي بشأن ضبط الإنفاق والإصلاح المالي يهدد الاستقرار الاقتصادي للبلاد.
ويحذر محللون من أن استمرار الإغلاق الحكومي وتجميد الأنشطة التشريعية سيزيد من صعوبة معالجة الأزمة المالية، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الفائدة الحالية، ما يجعل كلفة تمويل الدين أكثر عبئًا على الميزانية الفيدرالية.
كما يتوقع أن يصبح ملف الدين محورًا رئيسيًا في النقاشات السياسية المقبلة، مع تزايد المخاوف من اقتراب الولايات المتحدة من مرحلة «دين بلا سقف».