كشف محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لشهر سبتمبر 2025 عن تحوّل في نظرة صناع القرار تجاه أولويات السياسة النقدية، وسط مؤشرات على تباطؤ النشاط الاقتصادي وارتفاع طفيف في معدل البطالة، رغم استمرار الضغوط التضخمية.
وجاءت نبرة المحضر أكثر ميلاً إلى الحذر، مع تأكيد الغالبية على ضرورة تعديل السياسة بشكل يمنح الاقتصاد مساحة أكبر للتنفس.
أشار المحضر إلى أن معظم المشاركين لاحظوا تباطؤًا في النمو الاقتصادي خلال النصف الأول من العام، إلى جانب بوادر ضعف في سوق العمل، حيث أظهرت البيانات الأخيرة ارتفاعًا محدودًا في معدل البطالة وتباطؤًا في وتيرة خلق الوظائف. في المقابل، استمر التضخم في التحرك أعلى من المستهدف، رغم استقرار بعض مؤشراته نسبيًا.
في ظل هذا التوازن الدقيق بين المخاطر، أيّد أغلب أعضاء اللجنة خفضًا طفيفًا في الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس خلال الاجتماع، معتبرين أن هذا الخفض يعكس تحوّلًا في ميزان المخاطر باتجاه ضعف النمو والتوظيف، أكثر من كونه استجابة فورية لضغوط الأسعار.
مع ذلك، أبدى بعض الأعضاء تحفظهم على هذا القرار، مشيرين إلى أن بيانات التضخم الأخيرة لم تُظهر تحسنًا يُذكر نحو تحقيق هدف 2%، بل على العكس، توقفت بعض المؤشرات عن التحسن.
هؤلاء الأعضاء حذروا من أن التيسير السريع قد يؤدي إلى ترسيخ توقعات تضخمية مرتفعة على المدى الطويل، مما يعقّد جهود تحقيق استقرار الأسعار مستقبلاً.
ومن جهة أخرى، أشار عدد من الأعضاء إلى أهمية الاستمرار في تقليص حيازات البنك المركزي من السندات، في إطار عملية تقليص الميزانية العمومية الجارية، التي تسير – بحسب وصفهم – بسلاسة حتى الآن.
وأكدوا ضرورة مراقبة أوضاع سوق النقد عن كثب مع تراجع مستويات الاحتياطيات، لتجنب أية اضطرابات قد تؤثر على كفاءة تنفيذ السياسة النقدية.
فيما يخص التوجهات المستقبلية، اعتبر الأعضاء أن خفض الفائدة الأخير يمنح الفيدرالي مزيدًا من المرونة في التعامل مع التطورات الاقتصادية المقبلة، وشددوا على أن قرارات السياسة ستظل قائمة على قراءة دقيقة للبيانات الاقتصادية والتوازن بين هدفي التضخم والتوظيف.
كما أشار بعض المشاركين إلى أن الظروف المالية الحالية لا تبدو مشددة بدرجة كبيرة، مما يتطلب الحذر قبل اتخاذ أي خطوات إضافية نحو التيسير.
وفي الوقت نفسه، شددوا على أهمية تجنب الإبقاء على الفائدة مرتفعة لفترة طويلة، لأن ذلك قد يتسبب في ركود أعمق وارتفاع غير ضروري في معدلات البطالة.
بوجه عام، عكس المحضر رغبة متزايدة لدى الفيدرالي في انتهاج نهج متوازن ومرن، وسط بيئة اقتصادية تتسم بقدر كبير من عدم اليقين، سواء من حيث اتجاهات التضخم أو متانة سوق العمل، مما يعزز التوقعات بإمكانية إجراء مزيد من التعديلات على الفائدة خلال ما تبقى من العام، في حال واصلت المؤشرات الاقتصادية إظهار إشارات ضعف إضافية.