شنت قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي العديد من الهجمات على لبنان، خلال الأسابيع القليلة الأخيرة، في إطار حربها مع حزب الله اللبناني.
وتسببت تلك الهجمات في الكثير من الخسائر الاقتصادية، حيث تدهور الناتج المحلي بشكل قوي، وارتفعت معدلات البطالة، كما تم تدمير البنية التحتية الأساسية مثل المدارس والطرق والمستشفيات.
يعاني الاقتصاد اللبناني منذ سنوات عديدة من أزمات اقتصادية صعبة، زادت حدتها بفعل الانقسام الداخلي والنزاعات والحروب في منطقة الشرق الأوسط، والتي تسببت في زيادة سوء الأوضاع المعيشية في البلاد.
ومع بدء الحرب في السابع من أكتوبر 2023، زادت معاناة الشعب اللبناني، وزادت خسائر الاقتصاد، خاصة في ظل اشتعال الصراع وتوسع نطاق الحرب لتشمل مناطق أكثر.
كان من المتوقع أن يتعافى الاقتصاد اللبناني هذا العام، وينمو بحوالي 1.7% بحسب البيانات الواردة في تقرير الأمم المتحدة، لكن الحرب التي شنتها إسرائيل على الجنوب اللبناني، أدت إلى تدمير جزء كبير من البنية التحتية، وانقطاع الخدمات الأساسية، وتعطيل حركة التجارة والنقل، وبالتالي شلل تام في النشاط الاقتصادي والزراعي.
وزادت تلك الخسائر مع استهداف إسرائيل المنشآت الصناعية والمرافق الحيوية، وبالتالي زيادة معدل البطالة، حيث فقد آلاف العاملين مصادر دخلهم.
أظهرت البيانات الصادرة عن المعهد اللبناني لدراسات السوق، أن خسائر الاقتصاد اللبناني قد تصل إلى 70% من إجمالي الناتج المحلي، أي ما يعادل 13 مليار دولار.
كما كشفت أن حوالي مليون نازح لبناني توقفوا عن العمل، مما يكبد الاقتصاد خسائر إضافية تتراوح بين 500 مليون دولار إلى مليار دولار، في حين أن الانكماش سيكلف الاقتصاد بين 3 إلى 4 مليار دولار.
وقال محللون أن الحرب التي توسعت في أكتوبر 2023 واشتدت في سبتمبر الماضي، استنزفت الموارد الاقتصادية، بفعل تعرض البنية التحتية في منطقة الجنوب اللبناني للدمار.
وبلغت تكلفة الدمار التقديرية في البنى التحتية 3 مليارات دولار حتى هذه اللحظة، مما أدى إلى توقف إنتاج أكثر من 10 ملايين متر مربع، وتعطل موسم الزيتون في الجنوب، مما يشكل خسارة يومية تزيد عن 3% من إجمالي الناتج المحلي للبنان.
كما تعطلت حركة التجارة في جميع المناطق اللبنانية، حيث وصل حجم الاستثمار 70 مليون دولار فقط، وأصبح الإنفاق الاستهلاكي الخاص، الموجه نحو الأساسيات يشكل حوالي 80% من الناتج المحلي الإجمالي.
ومن بين تداعيات الحرب أيضًا، انخفاض الاقتصاد اللبناني بأكثر من 20% من الناتج المحلي الإجمالي، حيث كانت التوقعات تشير إلى تسجيل نمو اقتصادي بنحو 1.2% خلال هذا العام، في حين تشير الأرقام إلى نمو سلبي يتجاوز 1%.
ويرى المحللون أن وضع الاقتصاد اللبناني سيكون أصعب في العام القادم، حيث ستؤدي الضغوط الديموغرافية الناتجة عن النزوح إلى زيادة العبء على الخدمات ورفع معدلات البطالة.
وتوقفت حركة السياحة بشكل كلي في الوقت الحالي، في ظل استمرار الهجمات العسكرية الإسرائيلية، وتوقعات استمرار الحرب حتى منتصف العام المقبل.
يشار إلى أن الاقتصاد اللبناني يعتمد بشكل كبير على قطاع السياحة، حيث يشكل حوالي 30% من الناتج المحلي، لكن هذه النسبة تراجعت إلى أقل من النصف خلال النصف الأول من هذا العام.
وبالنسبة للميزان التجاري اللبناني، بلغت الصادرات في نهاية العام الماضي حوالي 3 مليارات دولار، بينما بلغ حجم الواردات 16 مليار دولار، ما يمثل عجزًا بالميزان التجاري قدره 13 مليار دولار.
وكان يغطى هذا العجز الكبير من خلال تحويلات المغتربين وإيرادات قطاع السياحة والحركة التجارية الداخلية.