استمرارًا لهجومه المستمر على عملة بيتكوين، أشار الخبير الاقتصادي بيتر شيف إلى أن الذهب لا يزال الأداة الأفضل للمستثمرين على المدى الطويل. في منشور جديد على منصة "X"، وصف شيف الذهب بأنه "المفترس الأكبر الذي سيبتلع بيتكوين"، مستندًا إلى بيانات تشير إلى تراجع قيمة بيتكوين مقارنة بمعدن الذهب على مدار السنوات القليلة الماضية. يظل شيف من أبرز منتقدي بيتكوين، مؤكدًا أن هذا الأصل الرقمي لا يمكن أن يكون بديلاً حقيقيًا للذهب أو مخزنًا آمنًا للقيمة.
تراجع ملحوظ في قيمة بيتكوين أمام الذهب
في أحد أبرز النقاط التي ذكرها شيف، أشار إلى أن قيمة بيتكوين تراجعت بشكل ملحوظ مقارنة بالذهب منذ عام 2021. ففي ذلك العام، كان بإمكان المستثمر الذي يمتلك بيتكوين شراء ما يعادل 36.3 أونصة من الذهب، بينما تراجعت هذه القيمة اليوم إلى 27.7 أونصة فقط، ما يعني انخفاضًا بنسبة 24% على مدى ثلاث سنوات.
ويعكس هذا التراجع أن بيتكوين يعاني من "سوق هبوطية خفية"، وهي ظاهرة لم يلاحظها العديد من المستثمرين. ويعتبر شيف أن هذا التراجع الكبير في قيمة بيتكوين مقابل الذهب يجعل من الصعب استثماره كمخزن آمن للقيمة.
هل بيتكوين مخزن للقيمة أم مجرد أصل مضاربي؟
منذ ظهورها في الأسواق، سعى المؤيدون لبيتكوين إلى ترويج العملة الرقمية كتحوط ضد التضخم ومخزن للقيمة، لكن بيتر شيف يشكك في هذه الفكرة.
وبحسب شيف، يرتبط أداء بيتكوين ارتباطًا وثيقًا بأسواق الأسهم، خاصة مؤشر ناسداك، مما يعني أن بيتكوين لا يتصرف كأصل آمن أو مستقر كما يدّعي البعض. بدلاً من ذلك، يعتبره شيف "سهمًا رقميًا" أكثر من كونه "ذهبًا رقميًا". هذا الارتباط القوي بالأسواق المالية يجعل بيتكوين يتأثر بتقلبات الأسواق، وهو ما يعكس عدم استقراره كأداة تحوط.
علاوة على ذلك، يفتقر بيتكوين إلى العوائد الثابتة أو توزيعات الأرباح، ما يجعله أصلًا مضاربيًا غير موثوق به مقارنة بالذهب الذي يقدم تاريخًا طويلًا كمخزن للقيمة.
رفض بيتكوين كاحتياطي استراتيجي عالمي
شيف لا يقتصر نقده على بيتكوين كأصل استثماري فحسب، بل يشمل أيضًا الفكرة التي تروج لها بعض الشركات والمنظمات حول اعتماد بيتكوين كاحتياطي استراتيجي للدول.
حيث قال شيف: "إذا كانت الحكومة الأمريكية لا تخطط لشراء بيتكوين، فلماذا يجب على الدول الأخرى القيام بذلك؟". هذا السؤال يعكس وجهة نظره بأن فكرة اعتماد بيتكوين كاحتياطي استراتيجي هي فكرة غير واقعية وغير مدروسة، وأنها قد تؤدي إلى خيبة أمل كبيرة في المستقبل.
بينما تمثل العملات الرقمية مثل بيتكوين مجالًا ناشئًا يثير الكثير من الجدل حول استدامتها، لا تزال الحكومات الكبرى مثل الولايات المتحدة والصين تتجنب الاستثمار فيها على نطاق واسع، وهو ما يعزز فكرة أن بيتكوين ليس بديلاً موثوقًا للاحتياطات الاستراتيجية الوطنية.
الذهب في ارتفاع وبيتكوين في تراجع
تأتي تصريحات شيف في وقت يتزايد فيه الطلب على الذهب كملاذ آمن وسط المخاوف الاقتصادية العالمية. سجل الذهب ارتفاعًا قياسيًا في أسعاره، حيث تجاوز حاجز 3000 دولار للأونصة، وهو مستوى لم يكن متوقعًا في الأسواق. في المقابل، لا يزال بيتكوين يعاني من التقلبات الحادة، حيث تراجع سعره إلى 78,500 دولار في 10 مارس 2025، دون أن يتمكن من استعادة الزخم الذي كان عليه في السنوات الماضية.
وعلى الرغم من أنه شهد مكاسب ملحوظة في السنوات التي تلت إطلاقه، إلا أن بيتكوين فشل في إثبات استقراره مقارنة بالذهب، الذي حقق زيادة بنسبة 14% منذ بداية العام نتيجة للمخاوف الاقتصادية والتوترات الجيوسياسية العالمية. هذا التباين في الأداء يعزز رأي شيف بأن الذهب يبقى الخيار الأكثر أمانًا في ظل الأوقات الصعبة.
الذهب ملاذ آمن في زمن الأزمات
يظل الذهب رمزًا للثقة في الأوقات الاقتصادية المضطربة، حيث يتمتع بسمعة طويلة الأمد كأداة لحفظ الثروات. في الوقت الذي تتزايد فيه المخاوف من التضخم وارتفاع الديون الوطنية في العديد من الدول الكبرى، يستفيد الذهب من هذه الظروف كملاذ آمن للمستثمرين.
ومقابل ذلك، أثبتت بيتكوين أنها أكثر عرضة للتقلبات الحادة نتيجة لعوامل خارجية مثل التغيرات في السياسات الحكومية وحالة الأسواق المالية. بينما يظل الذهب أحد الأصول النادرة التي تحافظ على قيمتها عبر الزمن، يظل بيتكوين متقلبًا ويعاني من تحديات في تحقيق استقرار طويل الأمد.
نظرة مستقبلية: الذهب يتفوق على بيتكوين
في ضوء التحديات التي تواجه بيتكوين، مثل تقلبات أسعاره وعدم وجود ضمانات أو توزيعات ثابتة، يظل الذهب الخيار الأكثر أمانًا للمستثمرين الذين يسعون للحفاظ على ثرواتهم في مواجهة الأزمات الاقتصادية العالمية.
على الرغم من أن بيتكوين قد يحقق مكاسب ضخمة على المدى القصير، إلا أن استقراره لا يزال محل شك. في الوقت الذي ينظر فيه العديد من المحللين إلى الذهب كأداة استثمار موثوقة وطويلة الأمد، يرى البعض الآخر أن بيتكوين قد يظل عرضة للانخفاضات الحادة في قيمته على المدى البعيد.