في تطور لافت يعكس التحول المتسارع نحو تبني الأصول الرقمية في أسواق المال التقليدية، أعلنت شركة سمارتر ويب، المدرجة في المملكة المتحدة، عن إطلاق أول إصدار من نوعه لسندات قابلة للتحويل إلى أسهم مقومة بالكامل بعملة البيتكوين، تحت اسم "سمارتر كونفرت"، وذلك بقيمة تصل إلى 21 مليون دولار.
وقد تم تنفيذ هذا الإصدار بالتعاون مع شركة الاستثمار الفرنسية توبام، المتخصصة في إدارة الأصول البديلة والمهتمة بالأصول المشفرة منذ سنوات.
السندات الجديدة تمثل هيكلًا ماليًا هجينًا يجمع بين أدوات الدين التقليدية والعملات الرقمية. فهي غير مدرّة للفائدة، لكنها توفر لحاملها خيارين عند الاستحقاق: إما تحويل السند إلى أسهم في شركة سمارتر ويب، أو استرداد 98% من قيمة البيتكوين الأصلية التي تم على أساسها شراء السند.
ويتيح هذا التصميم للمستثمرين الاحتفاظ بارتباطهم بأداء البيتكوين مع خفض نسبي للمخاطر، حيث يضمن السند استرداد نسبة شبه كاملة من القيمة الأصلية في حال لم يتم التحويل إلى أسهم.
الدفعة الأولى من هذه السندات تم شراؤها بالكامل من قبل توبام، بقيمة 21 مليون دولار، مما يعكس ثقة المستثمر المؤسسي في هذا النوع الجديد من الأدوات المالية الرقمية.
ووفقًا لما أعلنته الشركة، فإنها تخطط لطرح المزيد من الإصدارات في المستقبل بسعر السوق لمستثمرين إضافيين، ضمن استراتيجية تهدف إلى تنويع مصادر التمويل خارج نطاق أدوات الدين والفائدة التقليدية.
يأتي هذا الإصدار في وقت يشهد فيه سوق التمويل العالمي اهتمامًا متزايدًا بالأصول الرقمية، خاصة مع تزايد الاعتراف المؤسسي بالبيتكوين كأصل استثماري بديل.
ويُنظر إلى السندات المقومة بالبيتكوين على أنها محاولة لربط أسواق الدين التقليدية بعالم العملات المشفرة، مع تكييف النموذج بما يلائم احتياجات المستثمرين الباحثين عن أدوات مالية جديدة تجمع بين العوائد المحتملة والاستقرار النسبي.
تتمتع شركة سمارتر ويب بسمعة قوية في مجال حيازة البيتكوين، حيث تصنف ضمن قائمة أفضل 25 شركة عالمية تمتلك احتياطيًا من العملة الرقمية، ويُقدّر حجم ما تحتفظ به حاليًا بنحو 2050 وحدة بيتكوين.
أما شركة توبام، فهي من الشركات الرائدة في أوروبا التي تبنّت الاستثمار في الأصول المشفرة منذ وقت مبكر، وقد أطلقت أول صندوق أوروبي يستثمر في البيتكوين منذ عام 2017، مما يعكس خبرتها وموقفها المبدئي المؤيد للابتكار في أدوات الاستثمار.
هذا النوع من الإصدارات المالية يعكس مسارًا جديدًا بدأت تتبناه بعض الشركات الطموحة التي تجمع بين الابتكار المالي والتقنيات الحديثة، وقد يكون مقدمة لسوق أوسع من المنتجات المرتبطة مباشرة بالأصول الرقمية.
ومع استمرار تطور الأطر التنظيمية، فإن مثل هذه المبادرات قد تفتح الباب أمام دخول مؤسسات مالية تقليدية بشكل أعمق في عالم التشفير، ليس فقط كأداة مضاربة، وإنما كجزء من استراتيجيات التمويل وإدارة رأس المال.
في ظل هذا السياق، تبرز أهمية هذا الإصدار ليس فقط من حيث قيمته السوقية، وإنما من حيث رمزيته في المرحلة التي تمر بها الأسواق، حيث يشهد النظام المالي العالمي مزيجًا متزايدًا بين الأدوات التقليدية والتكنولوجيا المالية الحديثة، في محاولة لتلبية تطلعات المستثمرين وإعادة تشكيل مفهوم الأمان والعائد في عالم الاستثمار الجديد.