سجل الذهب مستويات قياسية غير مسبوقة خلال الفترة الأخيرة، وواصل تألقه مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقرر إجراؤها في الخامس من نوفمبر الجاري، التي تشهد مواجهة بين الرئيس الأمريكي السابق والمرشح الجمهوري "دونالد ترامب" ونائبة الرئيس الحالي "كامالا هاريس".
زادت جاذبية الذهب كملاذ آمن مع تصاعد التوترات الانتخابية، حيث يرى المستثمرون أن الذهب وسيلة جيدة للتحوط في ظل الغموض السياسي والتقلبات الاقتصادية المحتملة التي تعقب فترة الانتخابات.
من المعروف أن الأوضاع السياسية تلقي بظلالها دائمًا على المعدن الأصفر، حيث يزداد الطلب على الذهب في أوقات التغير السياسي أو خلال فترة الانتخابات.
في نفس الوقت، تؤثر نتائج الانتخابات الأمريكية على أسعار الفائدة وسياسات الإنفاق، مما يدفع المستثمرون نحو الذهب باعتباره حماية ضد التضخم وانخفاض قيمة الأصول.
صعدت أسعار الذهب بنسبة 5% تقريبًا في أكتوبر الماضي، في حين زادت بنحو 34% منذ بداية العام الجاري، مما يعكس الإقبال الواسع عليه من قبل المتداولين، خاصة في ظل التوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم وخاصة منطقة الشرق الأوسط.
ساعدت عوامل أخرى مثل عدم الاستقرار المالي، وإلغاء الدولرة الذي دفع الطلب القوي من قبل البنوك المركزية، بجانب تحول المستثمرين الصينيين إلى الذهب في ظل معدلات الادخار المنخفضة القياسية.
من ناحية أخرى، فإن تخفيضات أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنوك المركزية الكبرى تقلل من حيازة الأصول غير الداعمة للفائدة مثل الذهب والفضة.
تشير أغلب التوقعات إلى فوز الحزب الجمهوري في الانتخابات وسيطرته على البيت الأبيض والكونغرس، وفي هذه الحالة سترتفع عائدات سندات الخزانة الأمريكية وسط مخاوف حول الإفراط في الإنفاق الحكومي، مما يدفع نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي إلى الصعود.
ويرى المحللون أن من الصعب التنبؤ بالفائز في الانتخابات الأمريكية، وبالتالي فمن المحتمل أن يشهد الذهب موجة تصحيح عميقة بعد الارتفاع الكبير الذي سجلته الآن، خاصة في حال عدم تسليم مفاتيح البيت الأبيض والكونجرس لحزب واحد.
وفي حال فوز المرشح الجمهوري "دونالد ترامب" فإن من المتوقع أن يواصل الذهب الصعود، حيث إن سياسات ترامب بشأن معدلات الفائدة، وإصراره على فرض المزيد من السياسات الحمائية المتعلقة بالرسوم الجمركية ستعزز أسعار الذهب.
يصبح الذهب خيارًا آمنًا للاستثمار في حال تراجع عوائد سندات الخزانة الأمريكية وأسعار الفائدة، وهو ما يتبناه ترامب في حملته الانتخابية.
ومن المحتمل أن يواصل الذهب الارتفاع في كل الأحوال سواء فاز "ترامب" أو "هاريس" ولكن فرص صعوده تزداد في حال فوز "ترامب" في ظل سياسته الواضحة بشأن أسعار الفائدة، أما في حالة فوز "هاريس" فإنها ستترك الأمور بشكل أكبر للاحتياطي الفيدرالي.
وبشكل عام، فإن الانتخابات الرئاسية الأمريكية ليست العامل الوحيد الذي يؤثر على أسعار الذهب، حيث إن الضغوط التي تعرض لها الدولار الأمريكي خلال الأشهر الأخيرة عززت فرص الاستثمار في المعدن الأصفر، بالإضافة إلى التوترات الجيوسياسية المستمرة سواء بين روسيا وأوكرانيا أو بين إسرائيل وحماس.