في خطوة مفاجئة، أعلن وارن بافت، أحد أعظم المستثمرين في التاريخ، عن نيته التنحي عن منصبه كمدير تنفيذي لشركة "بيركشاير هاثاواي" بنهاية العام الجاري.
ويأتي ذلك بعد أن أمضى نحو 60 عامًا في قيادة الشركة وتحويلها إلى واحدة من أعظم الكيانات الاستثمارية في العالم.
جاء هذا الإعلان خلال الاجتماع السنوي للمساهمين الذي عقد نهاية الأسبوع الماضي، حيث كشف بافت (94 عامًا) أن نائبه "جريج أبيل" سيتولى دفة القيادة خلفًا له.
ورغم أن "بيركشاير" كانت تستعد منذ عقود لاحتمالية رحيل بافت، فإن توقيت الإعلان فاجأ الأسواق والمساهمين، خصوصًا أن بافت لم يسبق له أن حدد موعدًا واضحًا لهذا الانتقال.
وعبّر بعض المساهمين عن قلقهم من غياب الرؤية المستقبلية الواضحة حول كيفية إدارة الشركة في مرحلة ما بعد بافت، خاصة أن حضوره وخبرته كانا يمثلان عمودًا فقريًا لنجاح المجموعة.
وجاء هذا الإعلان في وقت تسجل فيه "بيركشاير هاثاواي" رقمًا قياسيًا غير مسبوق في السيولة النقدية التي تحتفظ بها، والتي بلغت 347.7 مليار دولار بنهاية الربع الأول من 2025.
وأرجعت الشركة هذا التراكم إلى نهجها الحذر في ظل التوترات الاقتصادية العالمية والرسوم الجمركية المتصاعدة، مؤكدة في بيانها أن هناك "قدرًا كبيرًا من عدم اليقين بشأن مستقبل السياسات التجارية".
وعلّق بافت على هذا النهج خلال الاجتماع قائلًا: "لقد حققنا مكاسب طائلة من خلال تجنب الاستثمار الكامل في أوقات معينة، وهو ما منحنا مرونة لاقتناص فرص مربحة عندما تتهيأ الظروف".
كما رفض المزاعم بأن تراكم السيولة جاء كنوع من التمهيد لخليفته، قائلاً بابتسامة: "لن أفعل شيئًا نبيلاً إلى هذا الحد".
من ناحية أخرى، عبّر بافت عن رفضه لاستخدام الرسوم الجمركية كسلاح سياسي، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستكون في وضع أفضل إذا تقاسمت ازدهارها مع العالم بدلًا من فرض قيود تجارية تُربك الأسواق.
تزامنًا مع هذه التطورات، تراجعت أرباح "بيركشاير" التشغيلية بنسبة 14% خلال الربع الأول من العام لتصل إلى 9.6 مليار دولار، متأثرة بخسائر قطاع التأمين نتيجة حرائق الغابات في كاليفورنيا.
كما سجلت الشركة صافي بيع للأسهم بقيمة 1.5 مليار دولار خلال نفس الفترة، في إشارة إلى استمرار حالة الترقب والبحث عن فرص استثمارية أكثر جاذبية.
وقد انعكس إعلان تنحي بافت سلبًا على أداء السهم في تعاملات ما قبل افتتاح وول ستريت، حيث تراجعت أسهم الفئة "بي" بنسبة 1.89% إلى 529.6 دولار، مما تسبب في خسائر مليارية من القيمة السوقية حال استمر التراجع.
في المجمل، تقف "بيركشاير هاثاواي" أمام لحظة محورية في تاريخها، تجمع بين أعلى مستويات السيولة وأدق لحظات الانتقال القيادي، ما يجعل مراقبة أدائها خلال المرحلة المقبلة أمرًا محوريًا في عالم المال والاستثمار.