انقسام داخل الفيدرالي الأمريكي مع تصاعد القلق بشأن سوق العمل

انقسام داخل الفيدرالي الأمريكي مع تصاعد القلق بشأن سوق العمل

أظهر محضر اجتماع الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لشهر ديسمبر 2025، الصادر اليوم الثلاثاء، صورة أكثر تعقيدًا لمشهد السياسة النقدية في الولايات المتحدة، في ظل توازن دقيق بين مكافحة التضخم والحفاظ على استقرار سوق العمل.

وخلال مناقشات الاجتماع، أشار أعضاء لجنة السوق المفتوحة إلى أن التضخم لا يزال مرتفعًا نسبيًا منذ بداية العام، رغم وجود مؤشرات على تراجع حدته مقارنة بالفترات السابقة.

وفي الوقت نفسه، لفت المشاركون إلى أن النشاط الاقتصادي يواصل النمو بوتيرة معتدلة، بالتوازي مع تباطؤ ملحوظ في وتيرة خلق الوظائف خلال عام 2025، وارتفاع طفيف في معدل البطالة حتى سبتمبر، وهو ما عزز المخاوف من ضعف إضافي في سوق العمل خلال الأشهر الأخيرة.

وبخصوص قرار الفائدة، أيد غالبية المشاركين خفض النطاق المستهدف لسعر الفائدة على الأموال الفيدرالية خلال الاجتماع، في حين فضّل عدد آخر الإبقاء عليه دون تغيير.

وأوضح بعض من أيدوا الخفض أن القرار كان متوازنًا إلى حد كبير، مشيرين إلى أنهم كانوا مستعدين أيضًا لدعم تثبيت الفائدة لو سارت المناقشات في اتجاه مختلف.

ورأى الداعمون لخفض الفائدة أن هذه الخطوة جاءت مناسبة في ظل تصاعد مخاطر تراجع فرص العمل، إلى جانب انحسار أو استقرار مخاطر التضخم منذ مطلع عام 2025.

وأكد عدد منهم أن خفض الفائدة ينسجم مع النهج الاستشرافي الذي تتبعه اللجنة لتحقيق هدفيها المزدوجين، المتمثلين في استقرار الأسعار وتعظيم التوظيف، لافتين إلى أن الخطوة قد تدعم النشاط الاقتصادي خلال عام 2026 وتساعد في تثبيت أوضاع سوق العمل بعد فترة من التباطؤ.

في المقابل، عبّر المشاركون الذين فضلوا تثبيت الفائدة عن قلقهم من أن التقدم المحرز نحو خفض التضخم إلى المستوى المستهدف عند 2% قد يتباطأ أو يتوقف خلال عام 2025.

كما شددوا على الحاجة إلى قدر أكبر من الثقة في أن تراجع التضخم سيكون مستدامًا، محذرين من أن أي تهاون قد يؤدي إلى ارتفاع توقعات التضخم على المدى الطويل.

وأشار بعضهم إلى أن توفر المزيد من بيانات سوق العمل والتضخم بين الاجتماعات المقبلة سيكون عاملًا حاسمًا في تحديد المسار المناسب للسياسة النقدية.

كما رأى عدد محدود من المشاركين أن خفض الفائدة غير مبرر في ظل عدم وجود تدهور واضح إضافي في سوق العمل، بينما دعا مشارك واحد إلى التحول نحو سياسة نقدية أكثر حيادية، لكنه فضّل أن يتم ذلك عبر خفض الفائدة بمقدار نصف نقطة مئوية دفعة واحدة.

وتباينت الآراء داخل اللجنة بشأن مدى تشديد السياسة النقدية الحالية، إلا أن معظم الأعضاء اتفقوا على أن إجراء تخفيضات إضافية على الفائدة قد يصبح مناسبًا في حال واصل التضخم تراجعه وفق التوقعات.

وأشار بعضهم إلى أن الإبقاء على الفائدة دون تغيير لفترة بعد أي خفض سيسمح بتقييم التأثيرات المتأخرة للسياسة النقدية على الاقتصاد وسوق العمل، ويوفر مزيدًا من الطمأنينة بشأن عودة التضخم إلى مستواه المستهدف.

وأكد جميع المشاركين أن السياسة النقدية لا تسير وفق مسار محدد مسبقًا، بل ستظل معتمدة بشكل أساسي على البيانات الاقتصادية الواردة، والتوقعات المستقبلية، وتوازن المخاطر.

عمومًا، رأى أعضاء اللجنة أن مخاطر ارتفاع التضخم لا تزال قائمة، بالتوازي مع ارتفاع مخاطر تراجع فرص العمل، والتي ازدادت منذ منتصف عام 2025.

وأشار العديد منهم إلى أن التوجه نحو موقف نقدي أكثر حيادية قد يساعد في تفادي تدهور حاد في سوق العمل.

كما لفتوا إلى أن الأدلة المتاحة تشير إلى انخفاض احتمالية أن تؤدي الرسوم الجمركية إلى ضغوط تضخمية طويلة الأمد.

في المقابل، حذّر عدد من المشاركين من أن المضي قدمًا في خفض الفائدة بينما لا يزال التضخم مرتفعًا قد يُفسر على أنه تراجع عن التزام الفيدرالي الصارم بهدف التضخم البالغ 2%.

وشددوا على ضرورة تحقيق توازن دقيق بين المخاطر المختلفة، مع التأكيد على أهمية ترسيخ توقعات التضخم طويلة الأجل لضمان تحقيق أهداف السياسة النقدية على المدى البعيد.