شهدت البنوك الكبرى في وول ستريت أداءً قوياً خلال الربع الأول من عام 2025، مدفوعة بارتفاع ملحوظ في أحجام التداول، وسط تقلبات واسعة في الأسواق المالية نتيجة حالة عدم اليقين السياسي والاقتصادي.وتسبب هذا الاضطراب في دفع المستثمرين نحو التحرك النشط، ما وفّر للبنوك فرصاً غير مسبوقة لجني إيرادات ضخمة من أنشطة التداول.ووفقاً لبيانات مالية حديثة، بلغت إيرادات التداول المجمعة لأكبر خمسة بنوك أمريكية – وهي "جيه بي مورجان"، و"جولدمان ساكس"، و"مورجان ستانلي"، و"بنك أوف أمريكا"، و"سيتي جروب" – نحو 37 مليار دولار خلال الربع الأول فقط، وهو ما يمثل أفضل أداء تحققه هذه المؤسسات منذ أكثر من عشر سنوات.وسجلت هذه البنوك نمواً في إيرادات التداول بنحو 16 مليار دولار مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، أي بزيادة نسبتها 34%.ويُعزى هذا الارتفاع بالدرجة الأولى إلى نشاط التداول المكثف الذي شهدته الأسواق، خاصة في ظل الإقبال المتزايد على الأدوات المالية المرتبطة بالمخاطر والتحوّط، في بيئة تتسم بعدم الاستقرار.وفيما يتعلق بتداول أدوات الدخل الثابت، والتي تشمل السندات الحكومية وأدوات الدين، فقد قفزت إيرادات البنوك الخمسة مجتمعة إلى نحو 21 مليار دولار، بزيادة قدرها 6%، وهو أعلى مستوى يتم تسجيله منذ الربع الثاني من عام 2020، خلال ذروة أزمة جائحة كوفيد-19.ويشير هذا إلى تحوّل في اتجاهات السوق نحو الأصول الآمنة نسبياً، في ظل تنامي التقلبات في الأسهم والعملات.وتأتي هذه القفزة في الإيرادات بالتزامن مع عودة الرئيس دونالد ترامب إلى الحكم، ما أدى إلى بروز حالة من الغموض السياسي والاقتصادي، لا سيما فيما يتعلق بالسياسات التجارية والرسوم الجمركية.وقد ساهمت هذه التطورات في زيادة حدة التذبذب في الأسواق، الأمر الذي كان له دور مباشر في تنشيط التداول وخلق فرص استثنائية للبنوك الكبرى.ورغم أن هذا الأداء يعكس مرونة كبيرة في نماذج الأعمال المصرفية الاستثمارية، إلا أن المحللين يحذّرون من أن استمرار التوترات الجيوسياسية والتقلبات الاقتصادية قد يمثل تحدياً على المدى المتوسط، خاصة إذا أثّر على ثقة المستثمرين أو أدّى إلى تباطؤ النشاط الاقتصادي العالمي.