تراجع سعر البيتكوين بشكل ملحوظ في أعقاب تصاعد التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، حيث سجل انخفاضًا حادًا نحو مستوى 105,000 دولار، بعد أن نفذت إسرائيل هجومًا استهدف مواقع نووية إيرانية بتاريخ 12 يونيو.
وقد أدى هذا التصعيد إلى حالة من الذعر في الأسواق، ما تسبب في هبوط إضافي إلى ما يقارب 103,000 دولار خلال ساعات قليلة، قبل أن يبدأ السعر بمحاولة التعافي تدريجية.
ترافق هذا الانخفاض مع موجة تصفية واسعة في سوق العملات الرقمية، بلغت قيمتها نحو 636 مليون دولار، ما عمّق المخاوف من استمرار الضغوط البيعية وإمكانية هبوط البيتكوين إلى مستويات 102,000 وربما 101,000 دولار في الأيام المقبلة، في حال استمرت حالة الترقب والقلق الجيوسياسي.
ورغم هذه التراجعات الحادة، ما يزال العديد من المحللين والمستثمرين يتبنون نظرة تفاؤلية تجاه مستقبل البيتكوين على المدى المتوسط والبعيد، حيث تشير توقعات بعض الخبراء إلى إمكانية تجاوز العملة الرقمية لمستوى 200,000 دولار قبل نهاية عام 2025، مستندين إلى مجموعة من العوامل الداعمة التي تعزز هذا المسار التصاعدي المحتمل.
من أبرز هذه العوامل استمرار تدفق الاستثمارات المؤسسية نحو البيتكوين، إذ قامت العديد من الشركات الكبرى في الولايات المتحدة وأوروبا واليابان بإدراج العملة الرقمية ضمن احتياطياتها المالية، في محاولة لتنويع الأصول وتقليل الاعتماد على أدوات الدين التقليدية مثل سندات الخزانة.
ويأتي هذا في ظل الطلب المتزايد على البيتكوين، في وقت يعاني فيه المعروض من محدودية ملحوظة، خصوصًا بعد عملية التنصيف الأخيرة التي خفضت مكافآت التعدين، مما ساهم في تقليص كمية البيتكوين الجديدة التي تدخل السوق.
على جانب آخر، تشير البيانات إلى أن المعدّنين يضخون حاليًا نحو 500 وحدة بيتكوين فقط يوميًا في السوق، وهو رقم يُعد منخفضًا للغاية مقارنة بحجم الطلب، سواء من الأفراد أو من المؤسسات المالية وصناديق التحوط.
ويؤدي هذا الاختلال في التوازن بين العرض والطلب إلى تعزيز الاتجاه الصعودي المتوقع للعملة، وفقًا لقاعدة السوق الكلاسيكية.
كما أن النظرة المتزايدة إلى البيتكوين كأصل آمن ومخزن للقيمة، على غرار الذهب، أصبحت من العوامل الجوهرية التي تمنح السوق دعمًا قويًا.
ومع تصاعد المخاطر الجيوسياسية، وتزايد التقلبات في الاقتصاد العالمي، باتت العديد من الصناديق الاستثمارية والمؤسسات المالية، بل وحتى بعض الحكومات، تنظر إلى البيتكوين كبديل استراتيجي ضمن محافظها، الأمر الذي قد يشكل دافعًا إضافيًا لمرحلة صعود جديدة خلال الفترات المقبلة.
بناءً على هذه المعطيات، يرى كثير من الخبراء أن الهبوط الحالي قد يكون مؤقتًا، وأن البيتكوين يمتلك مقومات قوية تجعله مؤهلًا لتحقيق مكاسب كبيرة في المستقبل، إذا ما استمرت الظروف المواتية من حيث تدفق الاستثمارات، وتراجع المعروض، وتنامي الثقة في العملة كأصل استثماري رئيسي.