في ظل أجواء من الترقب الحذر تسيطر على الأسواق العالمية قبيل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي، قدّم بنك مورجان ستانلي رؤيته الاستشرافية لمسارات السياسة النقدية الأمريكية خلال الفترة المتبقية حتى نهاية عام 2025.
وعلى الرغم من التوقعات الواسعة بأن يُبقي الفيدرالي على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه الحالي، فإن خبراء البنك يسلطون الضوء على خمسة سيناريوهات قد تجبر صانعي السياسة النقدية على التحوّل نحو التيسير.
التوظيف في قطاع الخدمات: بوصلة الاقتصاد الأمريكي تحت الضغط
السيناريو الأول الذي طرحه البنك يتمحور حول سوق العمل، وبالتحديد في قطاع الخدمات الذي يمثل العمود الفقري للاقتصاد الأمريكي.
إذ يرى محللو مورجان ستانلي أن أي تدهور واسع النطاق في التوظيف، خاصة إذا ما تجاوزت خسائر الوظائف حاجز الـ50 ألف وظيفة شهرياً، قد يشكل ضغطاً قوياً على الفيدرالي لتعديل أسعار الفائدة نزولًا.
ويرجّح التقرير أن يمتد هذا التأثير بشكل خاص إلى القطاعات المرتبطة بالاستهلاك والخدمات المباشرة.
مفاجآت الهجرة وتأثيرها على سوق العمل
في ثاني السيناريوهات، يشير البنك إلى احتمالية حدوث تحولات مفاجئة في ملف الهجرة، سواء من حيث تشديد القيود أو ازدياد تدفقات الهجرة غير النظامية.
فهذه التغيرات، بحسب التحليل، يمكن أن تعيد تشكيل سوق العمل الأمريكي بطرق غير متوقعة، وتدفع البنك المركزي إلى إعادة تقييم توقعاته بشأن نمو التوظيف والإنتاجية، ما يبرر تحركاً مبكراً نحو خفض الفائدة.
تباطؤ تضخم الخدمات كعامل مطمئن للفيدرالي
أما السيناريو الثالث، فيتعلق بمسار التضخم، حيث يرى المحللون أن تباطؤ نمو الأسعار في قطاع الخدمات قد يعوّض التأثيرات التضخمية الناتجة عن سياسات التعريفة الجمركية.
وإذا ما اقتنع صناع القرار بأن ضغوط الأسعار هذه مؤقتة، فقد يتيح لهم ذلك مساحة للمناورة نحو تيسير السياسة النقدية دون التخوف من فقدان السيطرة على التضخم.
انتقال تدريجي لتكاليف الرسوم الجمركية
السيناريو الرابع يضع في الحسبان سلوك الشركات في تمرير تكاليف الرسوم الجمركية إلى المستهلكين.
فإذا تم هذا الانتقال ببطء وعلى مراحل، فقد يُبقي التضخم ضمن نطاق يمكن التعايش معه، وهو ما يعزز مبررات خفض الفائدة بحلول نهاية العام المقبل، خاصة إذا ظل معدل التضخم في نطاق 2.6% - 2.8%.
تأثير الأرباح وضغوط الأسواق المالية
أخيرًا، يرى التقرير أن امتصاص الشركات لزيادات الرسوم الجمركية دون نقلها للمستهلكين قد يؤدي إلى تآكل هوامش الأرباح. وفي حال انعكس ذلك سلبًا على أسعار الأسهم والأداء العام للأسواق المالية، فإن الفيدرالي قد يجد نفسه أمام خيار لا مفر منه بخفض الفائدة لدعم البيئة الاستثمارية.
الترقب سيد الموقف.. والتثبيت لا يزال السيناريو المرجح
على الرغم من استعراض هذه السيناريوهات، يشير التقرير إلى أن السيناريو الأساسي الأكثر ترجيحًا لدى مورجان ستانلي لا يزال يتمثل في بقاء أسعار الفائدة على حالها حتى نهاية عام 2025، وذلك في ضوء عدم اليقين السائد حول تداعيات الأجندة التجارية للإدارة الأمريكية والسياسات العالمية المتقلبة.
هذه الرؤية، رغم كونها افتراضية، تعكس عمق التشابك بين العوامل الاقتصادية والسياسية، وتؤكد أن مسار السياسة النقدية الأمريكية في العامين المقبلين سيكون رهين تطورات عديدة لا تزال في طور التشكل.