شهدت الأسواق المالية يوم أمس الثلاثاء تحركات ملحوظة، حيث سجلت الأسهم الأمريكية ارتفاعًا قويًا بقيادة قطاع التكنولوجيا، مما ساعد السوق على التعافي من الخسائر التي تكبدها في بداية الأسبوع. تزامن ذلك مع توقعات المستثمرين بشأن قرارات الاحتياطي الفيدرالي، والتي تُعد العامل الرئيسي في توجيه الاتجاهات الاقتصادية العالمية.
وفي هذا التقرير، سنتناول أبرز التطورات في الأسواق العالمية، بما في ذلك الأسهم، السندات، العملات الرقمية، والذهب، بالإضافة إلى التوقعات المستقبلية لأداء الأسواق اليوم الأربعاء.
أغلقت الأسهم الأمريكية يوم أمس الثلاثاء مرتفعة بشكل قوي، بقيادة مكاسب كبيرة في قطاع التكنولوجيا، حيث تعافى السوق من الانخفاض الحاد الذي بدأ به الأسبوع.
فقد سجل مؤشر ناسداك المركب، الذي يركز على التكنولوجيا، زيادة بنسبة 2%، في حين أضاف مؤشرا S&P 500 وداو جونز الصناعي 0.9% و0.3% على التوالي. كان يوم الإثنين قد شهد تراجعا حادا في مؤشر S&P 500 وناسداك، حيث سجلت أسهم التكنولوجيا أسوأ أداء يومي لها منذ عام 2020، بسبب المخاوف التي أثارها النجاح المبكر لنماذج الذكاء الاصطناعي من شركة "ديك سيك" الصينية، والتي أثارت قلقا بشأن القيادة الأمريكية في مجال الذكاء الاصطناعي والمبالغ الكبيرة التي تنفقها الشركات الكبرى لتطوير هذه التكنولوجيا.
حيث تأثرت العديد من الأسهم بشدة في اليوم السابق عادت إلى الارتفاع يوم الثلاثاء. على سبيل المثال، ارتفعت أسهم شركة إنفيديا (Nvidia)، المتخصصة في تصنيع الرقائق الخاصة بالذكاء الاصطناعي، بنسبة 8.9% بعد أن فقدت نحو 600 مليار دولار من قيمتها السوقية في اليوم السابق. كما ارتفعت أسهم شركة برودكوم (Broadcom) بنسبة 2.6% بعد أن تراجعت بنسبة 17% في اليوم السابق. كذلك، شهدت أسهم شركة أوراكل (Oracle)، التي ارتفعت الأسبوع الماضي بعد الإعلان عن تعاونها مع OpenAI وسوفت بانك في مشروع ضخم بقيمة 500 مليار دولار لتطوير بنية تحتية للذكاء الاصطناعي، زيادة بنسبة 3.6% يوم الثلاثاء بعد تراجعها بنسبة 14% في اليوم السابق. بالإضافة إلى ذلك، شهدت أسهم شركة فيسترا (Vistra) للطاقة النووية زيادة بنسبة 9.2%، بعد أن تراجعت بنسبة تقارب 30% في يوم الإثنين، بسبب المخاوف من أن الطلب على الطاقة اللازمة لتطوير الذكاء الاصطناعي قد يتراجع في ظل فعالية التكلفة الظاهرة لتقنيات "ديك سيك".
إن هذه التقلبات في أسواق الأسهم، خاصة في قطاع التكنولوجيا، تُظهر ردود فعل قوية للسوق تجاه أي تطور جديد، مما يعكس مدى تأثير تطورات الذكاء الاصطناعي على ثقة المستثمرين في المستقبل.
كما شهدت أسهم شركات التكنولوجيا الكبرى ارتفاعًا في جميع المجالات، حيث سجلت شركة أبل (AAPL) زيادة بنسبة 3.7%، بينما ارتفعت أسهم مايكروسوفت (MSFT) بنسبة 2.9%. كما حققت أسهم شركات ألفابت (GOOGL)، أمازون (AMZN)، ميتا بلاتفورمز (META)، وتسلا (TSLA) أيضًا مكاسب.
علاوة على ذلك، فيترقب المستثمرون بشغف تقارير الأرباح القادمة من مايكروسوفت وميتا وتسلا، التي من المقرر الإعلان عنها بعد إغلاق الأسواق يوم الأربعاء، بالإضافة إلى نتائج أبل الفصلية التي ستُصدر يوم الخميس.
وفيما يتعلق بتقارير الأرباح لهذا اليوم، ارتفعت أسهم شركة بوينغ (BA) بنسبة 1.5% بعد أن أعلنت شركة صناعة الطائرات عن خسارة في الربع الرابع مطابقة للنتائج الأولية التي أعلنتها الأسبوع الماضي. أما أسهم شركة جنرال موتورز (GM) وكونتراكتور الدفاع لوكهيد مارتن (LMT) فقد تراجعت بنسبة حوالي 9% بعد إعلان كل منهما عن نتائجها الفصلية.
بينما تواصل تقارير الأرباح تدفقها، يركز المستثمرون أيضًا على اجتماع السياسة الذي بدأ اليوم مع الاحتياطي الفيدرالي، والذي يستمر لمدة يومين. من المتوقع على نطاق واسع أن يبقي الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة الأساسي دون تغيير في هذا الاجتماع، ولكن المشاركين في السوق يتطلعون للاستماع إلى وجهات نظر الفيدرالي بشأن الأوضاع الاقتصادية وكيفية تأثيرها على قرارات الفائدة المستقبلية.
وفيما يخص أسهم أوروبا، فقد ارتفعت المؤشرات الأوروبية عند إغلاق تعاملات الثلاثاء، بدعم من الأسهم التكنولوجية بعد الخسائر التي تكبدتها أمس بسبب نموذج الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك"، فضلًا عن متابعة نتائج أعمال الشركات.
وفي ختام تعاملات الثلاثاء، صعد مؤشر "ستوكس يوروب 600" بنسبة 0.35% إلى 531.6 نقطة، مع ارتفاع قطاعي العقارات والمرافق بنسبة 1.6% لكل منهما، وزادت أسهم شركات السلع الاستهلاكية بنحو 0.9%
تشير إلى تباين في الاتجاهات، حيث يتوقع أن تكون الأسواق في حالة ترقب للأحداث الاقتصادية المهمة، أبرزها اجتماعات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وتقرير الأرباح من بعض الشركات الكبرى.
الترقب بشأن قرارات الاحتياطي الفيدرالي: بما أن الاحتياطي الفيدرالي قد يبقي على سعر الفائدة دون تغيير في اجتماعه الذي بدأ اليوم، فإن الأسواق ستتابع عن كثب التصريحات الرسمية بشأن التوجهات المستقبلية للاقتصاد والسياسات النقدية. إذا أظهر الفيدرالي أي إشارات حول خفض الفائدة في المستقبل أو تقييمه للاقتصاد، فقد يشهد السوق ردود فعل قوية، سواء في اتجاه إيجابي أو سلبي.
نتائج الأرباح للشركات الكبرى: مع إعلان نتائج أرباح كل من مايكروسوفت وميتا وتسلا بعد إغلاق الأسواق اليوم، فإن الأسواق قد تشهد تقلبات كبيرة بناءً على نتائج هذه الشركات. إذا فاقت النتائج توقعات المحللين، فقد تشهد أسهم هذه الشركات، وبخاصة في قطاع التكنولوجيا، ارتفاعًا كبيرًا. أما إذا جاءت النتائج مخيبة للآمال، فقد يؤدي ذلك إلى ضغوط بيع.
الأسواق الآسيوية والأوروبية: الأسواق في آسيا وأوروبا قد تتأثر أيضًا بالتقارير الاقتصادية القادمة، خصوصًا تلك المتعلقة بنمو الاقتصاد في الصين والاتحاد الأوروبي. إذا كانت هناك إشارات على تباطؤ في النمو العالمي أو مشكلات في سلاسل التوريد، فإن ذلك قد يضغط على الأسهم العالمية.
التوقعات العامة للأسواق: قد تظل الأسهم الأمريكية في حالة تأرجح مع تفضيل المستثمرين الانتظار لمعرفة كيف سيؤثر الاحتياطي الفيدرالي على القرارات المستقبلية. في الوقت ذاته، من المحتمل أن تشهد أسواق الأسهم الأوروبية والآسيوية حركة جانبية أو انخفاض طفيف نتيجة لمخاوف بشأن النمو الاقتصادي العالمي.
بقي العائد على سندات الخزانة لمدة 10 سنوات ثابتًا عند 4.53% في أواخر التداول، مما يشير إلى أن المستثمرين يتبنون موقفًا حذرًا في انتظار تطورات اقتصادية هامة، مثل اجتماع الاحتياطي الفيدرالي. يُعد العائد على السندات العشرية مؤشرًا حساسًا لتوقعات رفع أو خفض أسعار الفائدة، ولذلك فإن استقراره يعكس أن السوق يتوقع أن يبقي الفيدرالي على معدلات الفائدة كما هي، على الأقل في الوقت الحالي. ومع ذلك، أي إشارات أو تغييرات في التوجهات الاقتصادية من الفيدرالي قد تؤدي إلى تحركات مفاجئة في العوائد، خاصة إذا كانت تشير إلى احتمالية رفع أو خفض الفائدة في المستقبل.
كان سعر بيتكوين حوالي 101,000 دولار في نهاية يوم الثلاثاء، بعد أن وصل في وقت سابق إلى 103,700 دولار. العملة الرقمية ارتفعت بأكثر من 40% منذ الانتخابات الرئاسية الأمريكية، وسجلت أعلى مستوى لها الأسبوع الماضي بتجاوز 109,000 دولار، مدفوعة بتوقعات بأن إدارة ترامب، التي تدعم العملات المشفرة، قد تتبنى سياسات تعزز من هذه الأصول.
تسير توقعات أداء سوق العملات الرقمية اليوم الأربعاء إلى تقلبات محتملة، مع تركيز المستثمرين على التطورات الاقتصادية. بعد أن ارتفع البيتكوين بنسبة أكثر من 40% منذ الانتخابات الأمريكية، يُتوقع أن يتراوح سعره بين 100,000 و103,000 دولار، في ظل الحذر بسبب ترقب قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة. كما يُحتمل أن تشهد العملات البديلة مثل إيثريوم تحركات مشابهة، حيث تأثرت أسعارها أيضًا بتوقعات السياسة المستقبلية المتعلقة بالعملات المشفرة. قد يشهد السوق تذبذبًا مع وجود فرص للتصحيحات التي قد يراها البعض فرصة للشراء بأسعار منخفضة.
ارتفعت أسعار الذهب خلال تعاملات يوم أمس الثلاثاء، حيث بدأ مجلس الاحتياطي الفيدرالي اجتماعًا لبحث قرار السياسة النقدية في الولايات المتحدة، في وقت يسود فيه عدم اليقين الاقتصادي بشأن سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة. وعند تسوية التداولات، سجلت أسعار العقود الآجلة للذهب تسليم شهر فبراير زيادة بأكثر من 1%، بما يعادل 29.1 دولار، ليصل السعر إلى 2767.50 دولار للأوقية.
تتوقع الأسواق إلى احتمال استمرار تذبذب الأسعار في نطاق 2750-2800 دولار للأوقية، مع ترقب المستثمرين لنتائج اجتماع الاحتياطي الفيدرالي.
وبالنسبة للنفط، فقد ارتفعت عقود النفط الخام WTI بنسبة 1%، مما يعكس التفاؤل في سوق الطاقة، والذي قد يكون ناتجًا عن المخاوف بشأن العرض أو التغيرات في الطلب العالمي.
شهد سوق الفوركس يوم الثلاثاء تحركات ملحوظة في عدة أزواج من العملات. ارتفع الدولار الأمريكي بنسبة 0.5% تقريبًا أمام العملات الرئيسية، مدعومًا بتوقعات رفع الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي. كما تراجع اليورو/الدولار الأمريكي (EUR/USD) بنسبة 0.3% بسبب القلق من تباطؤ النمو الاقتصادي في منطقة اليورو. أما الجنيه الاسترليني/الدولار الأمريكي (GBP/USD) فقد انخفض بنسبة 0.2% مع استمرار المخاوف الاقتصادية المحلية في بريطانيا. فيما استمر الين الياباني/الدولار الأمريكي (USD/JPY) في التراجع بنسبة 0.4% بسبب جاذبية العوائد على السندات الأمريكية مقارنة باليابانية.
تشير التوقعات إلى استمرار قوة الدولار الأمريكي بنسبة تقارب 0.3% بسبب التوقعات بأن يواصل الاحتياطي الفيدرالي سياسة رفع الفائدة. من المتوقع أن ينخفض اليورو بنسبة 0.2% مقابل الدولار، فيما قد يتراجع الجنيه الاسترليني بنسبة 0.1% مع استمرار المخاوف الاقتصادية في بريطانيا. كما يُتوقع أن يستمر الين الياباني في الانخفاض بنسبة 0.4% أمام الدولار، بسبب فارق العوائد بين السندات الأمريكية واليابانية.