تبنّت الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب نهجًا جديدًا يقوم على دخول الحكومة في شراكات مباشرة مع كبريات الشركات، وذلك بعد الإعلان عن استحواذها على حصة في شركة "إنتل"، في خطوة وصفها مراقبون بأنها تمثل تحولًا بارزًا في علاقة الدولة بالقطاع الخاص، خصوصًا في الصناعات ذات الأهمية الاستراتيجية.
وفي تعليق على هذه الخطوة، كتب ترامب عبر منصته "تروث سوشال" أن هذه الصفقة لن تكون الأخيرة، مؤكدًا عزمه على تكرار مثل هذه الشراكات لدعم الاقتصاد الوطني.
وأوضح أن مثل هذه الإجراءات تعود بالنفع على الولايات المتحدة من خلال تعزيز ثروتها وخلق وظائف جديدة، مضيفًا أن "من يعارض هذه الصفقات لا يدرك أهميتها"، على حد وصفه.
وأشار كذلك إلى أنه يحبذ أن يرى أسعار أسهم الشركات الأمريكية ترتفع نتيجة هذا النوع من التعاون مع الحكومة، معتبرًا أن ذلك يجعل "أمريكا أكثر ثراءً وأقوى اقتصاديًا".
من الناحية الفنية، كشف البيت الأبيض أن الاستحواذ يتمثل في حصة نسبتها 10% من أسهم "إنتل"، بقيمة تقارب 8.9 مليار دولار. ويأتي جزء من التمويل عبر "قانون الرقائق" (CHIPS Act)، فيما يتم تأمين الجزء الآخر من مخصصات حكومية لدعم برامج إنتاج الرقائق الآمنة.
ووفقًا لمستشار البيت الأبيض الاقتصادي كيفن هاسيت، فإن هذه الخطوة تمثل جزءًا من استراتيجية شاملة تهدف إلى تعزيز مكانة الولايات المتحدة في قطاع التكنولوجيا المتقدمة، مع التأكيد على أن الحكومة لن تتدخل في إدارة الشركة.
وأوضح هاسيت أن الصفقة مع "إنتل" تعكس الحجم الكبير للاستثمارات المرتبطة ببرنامج دعم أشباه الموصلات، مؤكدًا أن الإدارة تسعى على المدى الطويل لتأسيس صندوق ثروة سيادي أمريكي، يتيح توجيه استثمارات الدولة في شركات وصناعات متنوعة.
وأشار إلى أن هذه الفكرة ليست جديدة عالميًا، إذ تعتمد عليها دول عدة مثل النرويج، التي تمتلك أكبر صندوق سيادي في العالم بأصول تبلغ نحو 1.8 تريليون دولار، إلى جانب الصين وعدد من الدول في الشرق الأوسط.
ورغم أن استحواذ الحكومة الفيدرالية على حصص كبيرة في شركات خاصة أمر غير معتاد في الولايات المتحدة، إلا أن هاسيت شدد على أنه ليس أمرًا غير مسبوق، مستذكرًا تدخل الدولة عقب الأزمة المالية عبر امتلاك حصص في شركتي "فاني ماي" و"فريدي ماك".
وأضاف أن الاستراتيجية الحالية لا تهدف إلى "اختيار الرابحين والخاسرين"، وإنما تأتي في إطار خطة أشمل تستهدف حماية سلاسل التوريد وتشجيع عودة المزيد من الصناعات الحيوية إلى الداخل الأمريكي من خلال الحوافز والرسوم الجمركية.