أعلن الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي إطلاق الحزمة الـ 14 من العقوبات ضد روسيا، والتي تستهدف في المقام الأول صادرات موسكو من الغاز الطبيعي للمرة الأولى.
وتهدف تلك الإجراءات إلى حرمان روسيا من التدفقات المالية من عوائد صادرات الغاز الطبيعي، مع استمرار الحرب في أوكرانيا، ومن المقرر أن يبدأ العمل بتلك العقوبات بعد فترة انتقالية مدتها تسعة أشهر.
يرى المحللون أن العقوبات الجديدة لا ترقى إلى مستوى الحظر التام لشحنات الغاز الطبيعي المسال الروسي، حيث مازال مسموح لعدد من أعضاء الاتحاد الأوروبي بشراء الغاز الطبيعي من موسكو، بالرغم من أن الاتحاد قال إنه يرغب في التخلص التدريجي من الوقود الأحفوري الروسي بحلول عام 2027.
منذ بداية الحرب الروسية في أوكرانيا في فبراير 2022، اتبع الاتحاد الأوروبي حظو الولايات المتحدة وبريطانيا في حظر واردات النفط الروسية، باعتباره أهم وأكبر القطاعات في الاقتصاد الروسي.
وتنص الحزمة الجديدة من العقوبات على فرض حظر على إعادة شحن الغاز الطبيعي المسال الروسي قبالة موانئ الاتحاد الأوروبي، وهو ما يمنع في الأساس عمليات البيع إلى دول ثالثة عبر موانئ الاتحاد الأوروبي.
كما تشمل أيضًا حظر الاستثمارات والخدمات الجديدة لاستكمال مشاريع الغاز الطبيعي المسال قيد الإنشاء في موسكو، ومن المفترض أن تؤدي تلك العقوبات إلى إحباط محاولات روسيا لزيادة صادراتها من الغاز الطبيعي ورفع حصتها في السوق.
يرى المحللون أن العقوبات الغربية الأخيرة على روسيا ستؤثر على الاقتصاد الدولي عمومًا وليس موسكو وحدها، كما أنها ستؤدي إلى حدوث أزمة اقتصادية في الولايات المتحدة وعدد من الدول الأوروبية.
وأشاروا إلى أن الانقسام الحالي سيقود إلى أزمة اقتصادية عالمية قد تصل إلى توترات إقليمية في شرق آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط، مما سيؤدي لتغيير السياسة الدولية.
وقال المحللون إن هذه العقوبات لا تغطي واردات الغاز الطبيعي الروسي المنقول إلى الاتحاد الأوروبي عبر خطوط الأنابيب عبر تركيا وأوكرانيا نفسها، وينتهي الكثير من هذا في دول أوروبا الوسطى من بينها النمسا، التي تمكنت موسكو في الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري من سد 80% من احتياجاتها من الغاز، وأيضاً في دول مثل إيطاليا وبلجيكا.
وأوضحوا أن الحظر المفروض على إعادة الشحن سيجعل من الصعب على صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية الوصول إلى وجهتها، لكنه من غير المرجح أنه يمنعه بشكل كامل.
وقال عدد من الخبراء في سوق الغاز إن الإجراءات الأوروبية الأخيرة لن يكون لها تأثير يذكر على الاقتصاد الروسي، حيث إن أوروبا ذاتها مازالت تشتري الغاز المسال الروسي، في حين لا تمثل الشحنات العابرة من موانئ الاتحاد الأوروبي إلى آسيا سوى 10% من إجمالي صادرات الغاز الطبيعي المسال الروسية.
في الوقت نفسه، تحاول روسيا إيجاد طرق بديلة لتوصيل الغاز الطبيعي إلى آسيا دون المررو بالموانئ الأوروبية مثل زيبورغ في بلجيكا أو مونتوار دي بريتان في فرنسا.
وصرح مسؤول في الاتحاد الأوروبي إن من المحتمل أن تصل قيمة خسائر روسيا جراء حزمة العقوبات الجديدة إلى ملايين وليس المليارات من اليورو.
يشار إلى أن بعض دول أوروبا الوسطى مازالت تتلقى الغاز الطبيعي المسال عبر خطوط الأنابيب من روسيا عبر أوكرانيا.
ومن الجدير بالذكر أن روسيا هي ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى الاتحاد الأوروبي بعد الولايات المتحدة، وبحسب البيانات الرسمية، سدت الولايات المتحدة حوالي 41% من احتياجات الاتحاد الأوروبي من الغاز الطبيعي المسال منذ بداية العام الجاري، وروسيا حوالي 21%.