أغلقت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية على تراجع حاد يوم الجمعة، بعد أن هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض تعريفات جمركية "ضخمة" على الصين، مما أدى إلى قلب المكاسب المبكرة التي دفعت مؤشر ناسداك لتسجيل مستوى قياسي جديد خلال الجلسة.
تراجع مؤشر ناسداك، الذي يهيمن عليه قطاع التكنولوجيا، بنسبة 3.6% أو 820 نقطة، بعدما بلغ مستوى قياسياً ثانياً على التوالي خلال التداولات.
وهبط مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 2.7% أو 182 نقطة، فيما انخفض مؤشر داو جونز الصناعي بنسبة 1.9% أو 878 نقطة.
وسجلت المؤشرات الثلاثة خسائر أسبوعية تجاوزت 2.4%.
وجاءت التراجعات بعد منشور للرئيس ترامب على منصة "تروث سوشيال"، قال فيه إن الصين "أصبحت عدائية" فيما يتعلق بالمعادن الأرضية النادرة، وأشار إلى أن إدارته "تدرس حالياً زيادة ضخمة في الرسوم الجمركية على المنتجات الصينية الواردة إلى الولايات المتحدة".
وفي تصريح لاحق بعد إغلاق الأسواق، أعلن ترامب عن فرض رسوم إضافية بنسبة 100% على البضائع الصينية بدءاً من الأول من نوفمبر، مما أعاد إشعال التوترات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم.
وكانت أسهم شركة إنفيديا قد بدأت الجلسة على ارتفاع وسجلت مستوى تاريخياً جديداً، لكنها سرعان ما تحولت إلى الخسائر لتنهي التداولات منخفضة بنسبة 4.9%.
وتراجعت أسهم شركة AMD بنسبة 7.8%، في حين هبط سهم أمازون بنسبة 5%، لتقود الخسائر في مؤشر داو جونز، نظراً لاعتمادها الكبير على المنتجات المصنعة في الصين.
في أسواق السندات، تراجع العائد على سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 4.06%، مقارنة بـ4.14% في نهاية جلسة الخميس، ما يعكس تزايد الإقبال على الملاذات الآمنة.
وفي سوق العملات الرقمية، انخفض سعر بيتكوين إلى 114,000 دولار بعد أن بلغ ذروته اليومية متجاوزاً 122,000 دولار.
بينما واصل مؤشر الدولار الأمريكي، الذي يقيس أداء العملة مقابل سلة من العملات الأجنبية، تراجعه ليغلق منخفضاً بنسبة 0.7% عند مستوى 98.85.
وعلى صعيد المعادن، ارتفعت عقود الذهب الآجلة بنسبة 1.5% لتصل إلى 4,035 دولار للأونصة، مواصلة مكاسبها بعد أن أغلقت دون مستوى 4,000 دولار يوم الخميس، وسط استمرار الطلب على الأصول الآمنة.
وهبطت أسعار النفط الأمريكي من نوع غرب تكساس الوسيط هبطت بنسبة 5.3% إلى ما دون 58.25 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى لها منذ مايو، وذلك مع بدء القوات الإسرائيلية بالانسحاب التدريجي من غزة بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.
في أخبار الشركات، قفزت أسهم شركة Applied Digital بنسبة 16% بعد أن أعلنت عن نتائج فصلية تجاوزت التوقعات، إلى جانب توقيعها عقد إيجار جديد مع شركة CoreWeave لتوفير 150 ميغاواط إضافية من الطاقة في منشأتها في ولاية داكوتا الشمالية.
في المقابل، انخفض سهم كوالكوم بنسبة 7.3% بعد أن فتحت السلطات الصينية تحقيقاً لمكافحة الاحتكار بشأن استحواذها على شركة Autotalks الإسرائيلية.
وتراجع سهم ليفي شتراوس بنسبة 12% بعد أن حذرت الشركة من ضغوط على الهوامش الربحية بسبب الرسوم الجمركية.
أما سهم ستيلانتيس، المالكة لعلامتي كرايسلر وجيب، فقد تراجع بنسبة 7.3% رغم إعلانها عن ارتفاع الشحنات الفصلية بنسبة 13% على أساس سنوي.
وسط هذا المشهد المتقلب، شكّل سهم شركة بيبسيكو نقطة مضيئة في السوق، حيث ارتفع بنسبة 3.7%، ليواصل مكاسبه بعد أن قفز أكثر من 4% في الجلسة السابقة، بدعم من نتائج فصلية قوية وتغيير في الإدارة المالية للشركة تحت ضغط من صندوق إيليوت الاستثماري.
الأثر السلبي لخطاب ترامب امتد إلى الأسواق العالمية، حيث أغلقت معظم مؤشرات أوروبا على تراجع يوم الجمعة. مؤشر Stoxx 600 الأوروبي هبط بنحو 1.3%، في حين تراجع مؤشر FTSE 100 البريطاني بنسبة 0.41%، وCAC 40 الفرنسي بنسبة 0.23%.
وعلى عكس الاتجاه العام، صعد مؤشر DAX الألماني بشكل طفيف بنسبة 0.22%. قطاعات البنوك والصناعة كانت من بين الأكثر تضرراً، بينما أبدت بعض القطاعات الدفاعية والمستهلكة استقراراً نسبياً.
في آسيا، تفاوت الأداء بين الأسواق، فقد انخفض مؤشر هانغ سينغ في هونغ كونغ بنسبة 0.3% وسط مخاوف من تداعيات الحرب التجارية.
أما في اليابان، فقد صعد مؤشر نيكي 225 بنسبة 1.8% مدفوعاً بزخم داخلي، بينما سجل مؤشر شنغهاي الصيني ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة 1.3%، بعد عطلة في وقت سابق من الأسبوع أعادت بعض النشاط إلى السوق.
لكن القلق ما زال مخيماً بسبب احتمال تضرر صادرات المنطقة وسلاسل التوريد.
توقعات الأسواق لأداء الأسواق المالية العالمية اليوم
من المتوقع أن تشهد الأسواق العالمية حالة من الترقب والحذر خلال تعاملات اليوم الإثنين، مع استمرار القلق من تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين، وخصوصاً مع اقتراب دخول الرسوم الجمركية الجديدة حيز التنفيذ.
كما تتابع الأسواق عن كثب التطورات الجيوسياسية في الشرق الأوسط، مع قرب انعقاد قمة السلام التي من المتوقع أن تركز على الوضع في غزة وإمكانية التوصل إلى اتفاق دائم.
وتتجه الأنظار أيضاً نحو بيانات اقتصادية أمريكية مرتقبة هذا الأسبوع، تشمل أرقام مبيعات التجزئة والتضخم، التي قد تعطي إشارات أوضح حول مسار السياسة النقدية للفيدرالي الأمريكي خلال الأشهر المقبلة.
ومن المتوقع أن يستمر الطلب على الذهب والسندات في الارتفاع، بينما تواجه الأسهم ضغوطاً إضافية في حال لم تظهر بوادر تهدئة على صعيدي التجارة والجغرافيا السياسية.