تشير التقديرات الرسمية في موسكو إلى أن الاقتصاد الروسي مقبل على تباطؤ ملحوظ خلال عام 2025، مع خفض وزارة المالية توقعات النمو إلى نحو 1.5% فقط مقارنة بتقديرات سابقة عند 2.5%.
ويعود هذا التراجع أساساً إلى مستويات الفائدة المرتفعة التي فرضها البنك المركزي للحد من التضخم، ما قيد حركة الاقتراض وأثقل كاهل الشركات والأسر.
أداء قوي سابق وتحديات حالية
حقق الاقتصاد الروسي في عامي 2023 و2024 معدلات نمو قوية بلغت 4.1% و4.3% على التوالي، متجاوزاً اقتصادات مجموعة السبع، على الرغم من العقوبات الغربية المتلاحقة منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا عام 2022.
لكن هذا الأداء بدأ يتآكل في 2025، حيث سجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً ضعيفاً بلغ 1.1% في الربع الثاني، مقارنة بـ4% في الفترة ذاتها من العام الماضي، بحسب بيانات هيئة الإحصاء الفيدرالية "روسستات".
ويرى محللون أن التباطؤ الحالي يعكس تأثير ما يوصف بالاقتصاد الحربي، حيث تقود المستويات القياسية من الإنفاق العسكري إلى إذكاء التضخم وتقييد الاستثمارات المدنية.
السياسة النقدية: معركة التضخم مقابل النمو
رفع البنك المركزي الروسي سعر الفائدة الرئيسي في أكتوبر الماضي إلى 21%، وهو أعلى مستوى منذ 2003، سعياً لاحتواء موجة تضخمية متسارعة.
زرغم أن البنك بدأ بخفض تدريجي للفائدة إلى 18% بحلول يوليو 2025، إلا أن تكلفة الاقتراض ما زالت مرتفعة وتحد من قدرة الشركات على التوسع والاستثمار، في وقت تعاني فيه السوق أيضاً من نقص العمالة.
توقعات الحكومة والصندوق الدولي
أكد وزير المالية أنطون سيلوانوف أن الحكومة ترى إمكانية تحقيق نمو عند 1.5% على الأقل خلال هذا العام رغم الظروف النقدية الصعبة، مشيراً إلى أن التوازن المالي قد يمنح البنك المركزي مرونة أكبر لتخفيف السياسة النقدية مستقبلاً.
لكن صندوق النقد الدولي بدا أكثر تشاؤماً، إذ خفض توقعاته لنمو الاقتصاد الروسي في 2025 إلى 0.9% فقط، مقارنة بتقديرات سابقة بلغت 1.5%.
التحديات المقبلة
مع استمرار الإنفاق الضخم على حرب أوكرانيا، وتراجع النمو الصناعي المتوقع إلى نحو 2% فقط مقابل 2.6% في تقديرات سابقة، تواجه روسيا معضلة موازنة بين متطلبات الأمن القومي وضمان الاستقرار الاقتصادي.
ويرجح مراقبون أن تضطر الحكومة الروسية إلى رفع الضرائب وتقليص الإنفاق في الفترة المقبلة، ما قد يفاقم الضغوط على المستهلكين والشركات على حد سواء.