تشير أحدث البيانات الرسمية إلى أن الصين عززت موقعها كقوة رائدة في مجال الطاقة النظيفة، بعدما استحوذت على أكثر من 40% من براءات الاختراع العالمية في تقنيات ومعدات الطاقة الجديدة.
هذا الإنجاز، الذي جاء ضمن إطار الخطة الخمسية الرابعة عشرة (2021 – 2025)، يعكس توجهاً استراتيجياً يضع بكين في مركز الريادة العالمية بمجال التحول الأخضر.
الابتكار كمحرك رئيسي للنمو
أكد وانغ هونغتشي، رئيس الإدارة الوطنية للطاقة، أن بلاده تمكنت من تحقيق أرقام قياسية في تقنيات التحويل الكهروضوئي وإنتاج توربينات الرياح البحرية، ما جعلها لاعباً أساسياً في تطوير الحلول المستدامة.
كما سجلت الصين طفرة في قدرات تخزين الطاقة، لتتصدر العالم في هذا المجال، وهو عنصر بالغ الأهمية لضمان استقرار شبكات الكهرباء المعتمدة على مصادر متجددة.
شبكات كهربائية وبنية تحتية متفوقة
الصين لم تكتف بالابتكار التكنولوجي، بل وسّعت استثماراتها في البنية التحتية، حيث أنشأت أكبر شبكة عالمية لشحن السيارات الكهربائية، بالتوازي مع بناء منظومة طاقة متجددة تُصنف اليوم كالأكبر والأسرع نمواً في العالم.
هذا التوسع أسهم في رفع مساهمة الطاقة المتجددة من 40% إلى نحو 60% من إجمالي القدرة المركبة لتوليد الكهرباء داخل البلاد.
أبعاد اقتصادية وجيوسياسية
هذا التفوق يمنح الصين أوراق قوة جديدة على الساحة الاقتصادية والجيوسياسية، إذ باتت التكنولوجيا والابتكار في مجال الطاقة النظيفة ركيزة من ركائز التنافس بين القوى الكبرى.
فمن جهة، يسهم هذا الإنجاز في تقليل اعتماد الصين على الوقود الأحفوري المستورد، ما يعزز أمنها الطاقي ويخفض فاتورة الواردات.
ومن جهة أخرى، يمنحها قدرة أكبر على تصدير التكنولوجيا والبنية التحتية الخاصة بالطاقة الجديدة، مما قد يضع ضغوطاً على الاقتصادات الغربية التي تسعى بدورها إلى قيادة التحول الأخضر.
تداعيات على الأسواق العالمية
من المرجح أن يترتب على هذه الطفرة الصينية آثار مباشرة على أسواق الطاقة والمواد الخام. فارتفاع الطلب على المعادن المستخدمة في تصنيع البطاريات وتوربينات الرياح والألواح الشمسية قد يرفع من أسعار هذه الموارد عالمياً، فيما قد تواجه الشركات الغربية منافسة أكثر حدة من نظيراتها الصينية التي تستفيد من وفورات الحجم وخفض التكاليف.
نظرة مستقبلية
في ظل هذا الزخم، يبدو أن الصين ماضية في ترسيخ مكانتها كقوة مهيمنة في قطاع الطاقة المتجددة. ومع استمرار التوجه العالمي نحو تقليص الانبعاثات الكربونية، قد يتحول التفوق التكنولوجي الصيني إلى أداة استراتيجية تمنحها نفوذاً اقتصادياً وسياسياً واسع النطاق خلال العقد المقبل.