قفزت أسعار الذهب بشكل قوي منذ بداية عام 2025، مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وزيادة التقلبات الاقتصادية، ووسط عزوف المستثمرون عن الأصول عالية المخاطر وإقبالهم الواسع على الملاذات الآمنة.
ارتفع سعر الذهب حتى الآن بأكثر من 15%، حيث تجاوزت العقود الآجلة مستوى 3 آلاف دولار للأونصة في الرابع عشر من مارس الجاري، وذلك لأول مرة على الإطلاق.
وخلال العام الماضي، بلغ إجمالي الطلب السنوي على الذهب عالميًا 4974 طنًا، مسجلًا أعلى قيمة إجمالية للطلب على الإطلاق عند 382 مليار دولار.
وزاد الطلب العالمي على الاستثمار في الذهب بنسبة 25% على أساس سنوي ليصل إلى 1180 طنًا في عام 2024، وهو أعلى مستوى له في 4 سنوات، مدعومًا بتدفقات قوية لصناديق الاستثمار المتداولة خلال النصف الثاني من العام الماضي.
ومن المتوقع أن تواصل أسعار الذهب الصعود خلال الفترة المقبلة، حيث تتوقع كبرى البنوك العالمية أن يسجل مستويات قياسية غير مسبوقة، بفضل العديد من العوامل من بينها:-
- التوترات التجارية
سجل الذهب مكاسب قوية خلال الأشهر القليلة الأخيرة، تحديدًا منذ تولي "دونالد ترامب" رئاسة الولايات المتحدة، ومع إعلانه عزمه فرض رسوم جمركية على الشركاء التجاريين لبلاده.
وبالفعل، مع ارتفعت أسعار الذهب مع إعلان الحكومة الأمريكية فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على السلع الواردة من كندا والمكسيك، وبنسبة 10% على الصين، كما فرضت الحكومة الأمريكية رسوم جمركية على الاتحاد الأوروبي.
وأعلنت هذه الدول أنها تعتزم فرض الرد على هذه الإجراءات الغير مبررة على حد وصفهم، وبالفعل قرر بعضهم فرض رسوم جمركية على السلع الواردة من الولايات المتحدة، مما أدى إلى إشعال الحرب التجارية.
وتسببت تلك الرسوم في موجة بيع قوية في سوق الأسهم العالمية، مع عزوف المستثمرون عن الأصول عالية المخاطر وإقبالهم على الملاذات الآمنة من بينها المعدن الأصفر.
- التيسير النقدي
قرر صناع السياسة النقدية بالاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الأسبوع الماضي تثبيت سعر الفائدة عند مستوى 4.25% و4.50%، بينما رفع توقعاته للتضخم خلال العام الجاري، بسبب رسوم "ترامب" الجمركية.
وأبقى المركزي الأمريكي على توقعات خفض تكاليف الاقتراض بمقدار 50 نقطة أساس على مدار العام الحالي.
في الغالب، ترتفع أسعار الذهب بشكل قوي في أوقات التوترات السياسية والضغوط والتقلبات الاقتصادية، حيث تجاوز سعر المعدن النفيس مستوى ألف دولار للأوقية عقب الأزمة المالية في عام 2008، وتجاوز حاجز ألفي دولار خلال جائحة كورونا، ومن المتوقع أن يتجاوز مستوى 4000 دولار بحلول نهاية هذا العام، في ظل حالة عدم اليقين بشأن السياسات الأمريكية.
توقع "جيفري جوندلاش" رئيس شركة إدارة الاستثمارات "دابل لاين كابيتال"، أن يصل سعر الذهب إلى 4 آلاف دولار.
وأضاف:"لست متأكدًا من حدوث ذلك هذا العام، لكنني أشعر أن هذه هي الخطوة المُتوقعة بعد الاستقرار طويلًا عند حوالي 1800 دولار".
ومن جانبه، قال "إد يارديني" رئيس "يارديني ريسيرش" إن من المتوقع ارتفاع الذهب إلى 4 آلاف دولار للأوقية بنهاية العام الجاري، و5 آلاف دولار في العام المقبل، مع استمرار البنوك المركزية في رفع حيازتها منه تحوطًا ضد الرسوم الأمريكية والاضطرابات الجيوسياسية، حيث تجاوزت مشترياتهم ألف طن للعام الثالث على التوالي في 2024.