تشهد الأسواق العالمية حالة من التقلب وعدم اليقين مع دخول المستثمرين في مرحلة إعادة تقييم لمراكزهم، وسط تراجع حاد في أسعار الذهب وتحركات مفاجئة في سوق العملات.
وفي قلب هذه الاضطرابات، عاد الين الياباني ليجذب الانتباه مجددًا، مستفيدًا من سمعته كأصل آمن في أوقات الاضطراب.
الذهب، الذي يعتبر تقليديًا ملاذًا آمنًا، لم يسلم من الضغوط، حيث تراجع بشكل حاد خلال الجلسة السابقة إلى ما دون 4005 دولارات للأوقية، في أكبر خسارة يومية له منذ خمس سنوات.
وقد ارتد صباح اليوم بنسبة طفيفة بلغت 0.5% ليصل إلى 4145.29 دولار، في محاولة لتعويض جزء من الخسائر، وسط استمرار التوترات الجيوسياسية والمخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي.
هذا الانخفاض المفاجئ في أسعار الذهب أثار موجة من التحركات السريعة في الأسواق، دفعت الكثير من المستثمرين للجوء إلى أصول تقليدية أكثر استقرارًا مثل الين الياباني، الذي ارتفع مقابل الدولار ليسجل 151.74 ين، مستفيدًا من تراجع العملة الأمريكية بنسبة 0.1%.
وترافق هذا الصعود مع بيانات مشجعة أظهرت نمو الصادرات اليابانية في سبتمبر لأول مرة منذ خمسة أشهر، ما عزز التوقعات بمرونة الاقتصاد الياباني في مواجهة التحديات.
ويرى محللون أن الهبوط المفاجئ في أسعار الذهب يعكس حالة تصحيح بعد صعود قوي خلال الأسابيع الماضية، خاصة في ظل استمرار الضبابية حول السياسات النقدية الأمريكية وتأثيرات الإغلاق الحكومي الجزئي.
وعلّق أحد الخبراء الماليين قائلًا: "الأسواق بحاجة إلى التقاط الأنفاس بعد موجة صعود سريعة، والانخفاضات الحالية طبيعية ضمن سياق تحركات السوق".
على الجانب الآخر من المحيط الهادئ، تتزايد الضغوط على الدولار الأمريكي، وسط انتقادات لسياسات الرئيس دونالد ترامب، الذي يواصل التدخل في شؤون الاحتياطي الفيدرالي، مما يثير قلق المستثمرين حيال استقلالية السياسة النقدية الأمريكية.
وتراجع مؤشر الدولار – الذي يقيس أداء العملة الأمريكية أمام سلة من العملات الرئيسية – بنسبة 0.1% إلى 98.84، بعد سلسلة مكاسب قصيرة.
في اليابان، تستعد الحكومة الجديدة بقيادة ساناي تاكايتشي لإطلاق حزمة تحفيزية ضخمة تُقدّر بـ13.9 تريليون ين (ما يعادل نحو 92 مليار دولار)، بهدف دعم الأسر المتضررة من التضخم وتعزيز استهلاك القطاع الخاص.
ويُتوقع أن تساهم هذه الخطوة في تعزيز الثقة بالاقتصاد الياباني وزيادة تدفقات رؤوس الأموال إلى السوق المحلية.
وفي ظل هذه المعطيات المتشابكة، يستمر المستثمرون في البحث عن إشارات أكثر وضوحًا بشأن اتجاهات السياسة الاقتصادية العالمية، لا سيما مع اقتراب نهاية العام واحتدام الجدل حول مستقبل أسعار الفائدة والتضخم والنمو العالمي. وبينما يتحرك الذهب والين والدولار كلٌ في اتجاه، يبدو أن المشهد العام للأسواق لا يزال بعيدًا عن الاستقرار.