تعقد مصر غدًا قمة السلام العالمية لحسم الحرب في غزة بمشاركة دولية واسعة تشمل الولايات المتحدة، روسيا، الاتحاد الأوروبي، الصين، تركيا إلى جانب عدد من الدول الإقليمية المؤثرة مثل قطر والإمارات والبحرين والأردن وغيرها.
ومن المقرر عقد القمة برئاسة الرئيس عبد الفتاح السيسي ونظيره الأمريكي دونالد ترمب، بمشاركة حوالي 20 دولة
الشرق الأوسط في مدينة شرم الشيخ بجمهورية مصر العربية.
الهدف المعلن للقمة هو بحث آليات لوقف التصعيد في النزاعات، تفعيل عملية السلام، ودعم الجهود الدولية لحلّ شامل للنزاعات المتعددة في المنطقة.
وتأتي هذه القمة في وقت بالغ الحساسية على الصعيدين السياسي والاقتصادي، إذ تتزامن مع تصاعد النزاعات في مناطق حيوية من الشرق الأوسط خاصة القضية الفلسطينية، واستمرار الضغوط الاقتصادية العالمية المرتبطة بالتضخم، وأسعار الطاقة، وتباطؤ النمو.
وتمثل هذه القمة لحظة فارقة قد تعيد تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة، وقد تترك بصماتها على اتجاهات الأسواق المالية والسلعية العالمية خلال الفترة القادمة.
السياق الجيوسياسي والاقتصادي
يأتي انعقاد القمة وسط بيئة دولية معقدة، تتسم بارتفاع في منسوب المخاطر الجيوسياسية بسبب الحرب في غزة، التوتر في البحر الأحمر، وتصاعد الخلافات بين القوى الكبرى في ملفات مثل أوكرانيا وتايوان.
هذه التوترات تسببت في اضطراب أسواق الطاقة والغذاء، ودفعت البنوك المركزية إلى تمديد سياسة التشديد النقدي، ما زاد من احتمالات تباطؤ الاقتصاد العالمي خلال الربع الأخير من العام.
على هذه الخلفية، يُنظر إلى قمة السلام في مصر كفرصة لتقليل الضغوط السياسية، وفتح المجال أمام تهدئة تساعد في استقرار الأسواق العالمية.
قنوات التأثير المحتملة على الاقتصاد العالمي
تأثير القمة على الاقتصاد العالمي يتوقف على مخرجاتها ومدى التزام الدول المشاركة بتنفيذ ما يتم الاتفاق عليه.
في حال تم التوصل إلى اتفاقات حقيقية لخفض التوترات وإيقاف الحرب في غزة من قبل الجانب الإسرائيلي، يمكن أن ينعكس ذلك في انخفاض التكاليف المرتبطة بالتأمين والشحن، واستقرار نسبي في أسواق النفط، وعودة الثقة إلى سلاسل الإمداد.
كما أن تهدئة الأوضاع في الشرق الأوسط قد تفتح المجال أمام إعادة إعمار بعض المناطق المتضررة، مما يُنشط حركة التجارة الدولية، ويدفع قطاعات مثل الإنشاءات والطاقة واللوجستيات نحو الانتعاش.
تأثير القمة على الأسواق المالية العالمية
الأسواق المالية تستجيب عادة للتطورات الجيوسياسية بدرجة عالية من الحساسية. إذا أسفرت القمة عن نتائج إيجابية، فقد نرى موجة من التفاؤل تدفع الأسهم العالمية للارتفاع، خاصة في القطاعات المرتبطة بالطاقة النظيفة، البنية التحتية، والخدمات اللوجستية.
وقد تستفيد أسواق المال في الدول النامية من تدفقات رأسمالية جديدة إذا خفت المخاوف الجيوسياسية.
على الجانب الآخر، فإن غياب نتائج ملموسة أو استمرار التوترات قد يؤدي إلى مزيد من التذبذب في الأسواق، وعودة الإقبال على الأصول الآمنة مثل الذهب والسندات الأمريكية.
تأثير القمة على أسواق العملات العالمية
في حال أسفرت القمة المنعقدة في مصر عن تهدئة واضحة في بؤر النزاع، من المتوقع أن تتراجع قيمة الدولار الأمريكي قليلًا، نظرًا لانخفاض الإقبال عليه كملاذ آمن.
هذا قد يُعطي دفعة للعملات المرتبطة بالتجارة العالمية، مثل اليورو واليوان الصيني، كما يدعم عملات الدول النامية المعتمدة على الاستثمارات الأجنبية.
أما إذا فشلت القمة في تحقيق نتائج إيجابية، فإن الأسواق ستعيد تقييم المخاطر، مما قد يدفع الدولار للارتفاع مجددًا، إلى جانب صعود عملات الملاذ مثل الفرنك السويسري والين الياباني.
تأثير القمة على أسواق السلع العالمية
تُعد أسواق السلع من أكثر القطاعات تأثرًا بالتطورات السياسية، خاصةً تلك المتعلقة بالأمن والإمدادات.
أولًا، في سوق الطاقة، أي تقدم سياسي قد يُترجم إلى انخفاض في أسعار النفط والغاز الطبيعي، خصوصًا إذا ترافق مع تأكيدات من الدول المنتجة على استقرار الإمدادات.
أما في حال استمرار التوتر، فقد ترتفع الأسعار بسبب المخاوف من تعطل الإمداد عبر الشرق الأوسط.
ثانيًا، في قطاع المعادن، مثل الذهب والفضة، فإن الأسعار قد تتراجع بشكل طفيف إذا سادت أجواء تهدئة، لكنها سترتفع مجددًا إذا تصاعدت المخاطر.
أما المعادن الصناعية مثل النحاس والنيكل، فقد تشهد تحسنًا في الطلب نتيجة التفاؤل بإعادة الإعمار أو انتعاش قطاعات البنية التحتية.
ردود فعل محتملة من المستثمرين والمؤسسات المالية
وتتابع المؤسسات المالية العالمية القمة باعتبارها مؤشراً على مدى استقرار المناخ الجيوسياسي الذي يحدد شهية المستثمرين نحو الأسواق النامية.
نجاح القمة قد يعزز التدفقات الاستثمارية نحو أدوات الدين والأسهم في الدول النامية، خاصة تلك التي تتعافى من آثار الحروب والنزاعات. بالمقابل، أي فشل في تهدئة الأوضاع سيزيد من التوجه نحو الأصول منخفضة المخاطر.
كما أن شركات التأمين والنقل ستعيد تقييم أسعار خدماتها بناء على أي تغييرات في مستوى المخاطر الإقليمية، ما ينعكس على كلفة التجارة والشحن عالميًا.
التوقعات الزمنية للتأثيرات
على المدى القصير، ستعتمد ردود الفعل في الأسواق على التصريحات الرسمية والبيان الختامي للقمة، مع تذبذب محتمل في أسعار النفط، الأسهم، والعملات.
أما على المدى المتوسط، فإن ترجمة الاتفاقات إلى خطوات عملية هو ما سيحدد الاتجاه العام للأسواق. وعلى المدى الطويل، فإن استقرار الشرق الأوسط سيفتح المجال أمام تدفقات تجارية واستثمارية واسعة، مما يدعم الاقتصاد العالمي بشكل عام.